الطريف أن القرآن يقول في شأن الهداية: ومن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ولكنه لا يقول في شأن الضلال: ومن ضل فضرره عليه، بل يقول: فقل إنما أنا من المنذرين.
وهذا الاختلاف في التعبير لعله إشارة إلى أن النبي (عليه السلام) يقول: إني لا أسكت بوجه الضالين أبدا، ولا أتركهم على حالهم، بل أظل أنذرهم وأواصل الإنذار ولا أعيا عن ذلك، لأنني من المنذرين (بالطبع هناك آيات وردت في القرآن في شأن الهداية والضلالة، وفيها التعبير " لنفسه وعليها " للموضوعين... كقوله تعالى:
من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فعليها لكننا نعلم أن هذا الاختلاف في التعبيرات منسجم مع اختلاف المقامات، وربما جاء لإلقاء المعاني المختلفة والمتفاوتة)!
والجدير بالذكر أن هذه السورة شرعت ببيان أهمية القرآن، وانتهت بالأمر بتلاوته، فبدايتها ونهايتها عن القرآن.
والأمر الأخير - في آخر آية من هذه السورة - موجه للنبي أن يحمد الله على هذه النعم الكبرى، ولا سيما نعمة الهداية فيقول: وقل الحمد لله هذا الحمد أو الثناء يعود لنعمة القرآن، كما يعود للهداية أيضا، ويمكن أن يكون مقدمة للجملة التالية سيريكم آياته فتعرفونها.
وهذا التعبير إشارة إلى أنه مع مرور الزمان وتقدم العلم والمعرفة، سينكشف كل يوم بعض أسرار عالم الوجود، ويرفع ستار جديد عنها.. وستعرفون نعم الله وعظمة قدرته وعمق حكمته يوما بعد يوم.. وإراءة الآيات هذه مستمرة دائما ولا تنقطع مدى عمر البشر.
إلا أنكم إذا واصلتم طريق الخلاف والانحراف، فلن يترككم الله سدى وما رب بغافل عما يعمل الظالمون.
ولا تتصوروا بأن الله إذا أخر عقابكم بلطفه، فهو غير مطلع على أعمالكم،