القيامة قد اقتربت.. وحينئذ توصد أبواب التوبة... لأن الإيمان في مثل هذه الظروف يقع اضطرارا.
وبالطبع فإن هذين المعنيين متلازمان لأن اقتراب القيامة يقترن بنزول العذاب ومجازاة الكافرين.
ولكن ما هي " دابة الأرض "؟ وما مصداقها؟ وأية مهمة تحملها؟.. فالقرآن يجمل ولا يفصل، وكأنه يريد أن يترك الموضوع مجملا غامضا، ليكون الكلام فيه أكثر تأثيرا وباعثا على التهويل.
فيقول مختصرا: يخرج الله موجودا يتحرك " أو دابة من الأرض " بين يدي القيامة، فيتكلم مع الناس ويقول: " إن الناس كانوا لا يؤمنون بآيات الله ".
وبتعبير آخر: إن مهمة هذه الدابة هي تفريق الصفوف وتمييز المنافقين والمنكرين من المؤمنين.
وبديهي أن المنكرين يرجعون إلى أنفسهم عند مشاهدة هذه الآيات، ويندمون على ما سلف منهم وعلى أيامهم المظلمة، ولكن ما عسى أن ينفعهم الندم وأبواب التوبة موصدة؟!
وهناك مسائل كثيرة ومطالب وفيرة في خصوصيات " دابة الأرض " وجزئياتها وصفاتها في الروايات الإسلامية الواردة في كتب الفريقين، الشيعة وأهل السنة، وسنتعرض إليها ذيل هذه الآيات في باب البحوث إن شاء الله.
ثم تشير الآيات إلى علامة أخرى من علامات القيامة، فتقول: ويوم نحشر من كل أمة فوجا ممن يكذب بآياتنا فهم يوزعون.
" والحشر " معناه إخراج جماعة ما من مقرها والسير بها نحو ميدان الحرب أو غيره! و " الفوج "، كما يقول الراغب في المفردات: الجماعة التي تتحرك بسرعة.
وأما " يوزعون " فمعناه حبس الجماعة وإيقافها حتى يلحق الآخر منها بالأول.. وهذا التعبير يطلق - عادة - على الجماعات الكثيرة، نظير ما قرأنا في