إلا أن الأنسب من بين هذه التفاسير الثلاثة هو التفسير الأول حيث يناسب بقية الجمل في الآية، والبحوث الواردة في الآيات الأخر!.
وهكذا فقد ذكرت ثلاث مراحل لجهل المنكرين (للآخرة).
الأولى: أن إنكارهم وإشكالهم هو لأنهم يجهلون خصوصيات الآخرة " وحيث أنهم لم يروها فهم يظنون الحقيقة خيالا ".
الثانية: أنهم في شك من الآخرة أساسا، وسؤالهم عن زمان تحققها ناشئ من أنهم في شك منها!.
الثالثة: أن جهلهم وشكهم ليس منشؤهما أنهم لا يملكون دليلا أو دلائل كافية على الآخرة، بل الأدلة متوفرة إلا أن أعينهم عمي عنها!.
والآية التالية: توجز منطق منكري القيامة والبعث في جملة واحدة، فتقول:
وقال الذين كفروا أإذا كنا ترابا وآباؤنا أئنا لمخرجون؟!
فهم مقتنعون بهذا المقدار، أن هذه المسألة بعيدة (أن يتحول الإنسان إلى تراب ثم يعود إلى الحياة)! مع أنهم كانوا أول الأمر ترابا وخلقوا من التراب، فما يمنع أن يعودوا إلى التراب، ثم يرجعون أحياء بعد أن كانوا ترابا!
الطريف أننا نواجه مثل هذا الاستبعاد في ثمانية مواضع من القرآن، فهم يشكون في مسألة القيامة في المواضع آنفة الذكر بمجرد استبعاد عودتهم إلى الحياة من " التراب " ثانية!.
ثم يحكي القرآن عما يضيفه المشركون من قول: لقد وعدنا هذا وآباؤنا من قبل ولكن لم نجد أثرا لهذا الوعد ولن يوجد إن هذا إلا أساطير الأولين.
فما هي سوى خرافات وخزعبلات القدماء.
فبناء على هذا فإنهم يبدأون من الاستبعاد ثم يجعلونه أساسا للإنكار المطلق... فكأنهم كانوا ينتظرون أن تتحقق القيامة عاجلا، وحيث أنهم لم يشهدوا