قوله تعالى: كونوا قردة خاسئين أي صاغرين.
قوله تعالى: فجعلناها نكالا أي عبرة يعتبر بها، والنكال هو ما يفعل من الاذلال والإهانة بواحد ليعتبر به آخرون.
قوله تعالى: (وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة) الخ، هذه قصة بقرة بني إسرائيل، وبها سميت السورة سورة البقرة. والامر في بيان القرآن لهذه القصة عجيب فان القصة فصل بعضها عن بعض حيث قال تعالى: (وإذ قال موسى لقومه إلى آخره) ثم قال: (وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها) ثم إنه أخرج فصل منها من وسطها وقدم أولا ووضع صدر القصة وذيلها ثانيا، ثم إن الكلام كان مع بني إسرائيل في الآيات السابقة بنحو الخطاب فانتقل بالالتفات إلى الغيبة حيث قال: (وإذ قال موسى لقومه ثم التفت إلى الخطاب ثانيا بقوله: وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها.
أما الالتفات في قوله تعالى: وإذ قال موسى لقومه: إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة، ففيه صرف الخطاب عن بني إسرائيل، وتوجيهه إلى النبي في شطر من القصة وهو أمر ذبح البقرة وتوصيفها ليكون كالمقدمة الموضحة للخطاب الذي سيخاطب به بنو إسرائيل بقوله: وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها والله مخرج ما كنتم تكتمون، فقلنا إضربوه ببعضها كذلك يحيي الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تعقلون، الآيتان في سلك الخطابات السابقة فهذه الآيات الخمس من قوله: وإذ قال موسى إلى قوله: وما كادوا يفعلون، كالمعترضة في الكلام تبين معنى الخطاب التالي مع ما فيها من الدلالة على سوء أدبهم وإيذائهم لرسولهم، برميه بفضول القول ولغو الكلام، مع ما فيه من تعنتهم وتشديدهم واصرارهم في الاستيضاح والاستفهام المستلزم لنسبة الابهام إلى الأوامر الإلهية وبيانات الأنبياء مع ما في، كلامهم من شوب الاهانة والاستخفاف الظاهر بمقام الربوبية فانظر إلى قول موسى عليه السلام لهم: إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة وقولهم:
ادع لنا ربك يبين لنا ما هي، وقولهم ثانيا: ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها، وقولهم ثالثا: ادع لنا ربك يبين لنا ما هي ان البقر تشابه علينا، فأتوا في الجميع بلفظ ربك من غير أن يقولوا ربنا، ثم كرروا قولهم: ما هي وقالوا ان البقر تشابه علينا فادعوا التشابه بعد البيان، ولم يقولوا: ان البقرة تشابهت علينا بل قالوا: إن البقر