حيث ينبئ عن كونهما معه لعنه الله بحيال الشجرة في الجنة، فقد كان دخل الجنة وصاحبهما وغرهما بوسوسته، ولا محذور فيه إذ لم تكن الجنة جنة الخلد حتى لا يدخلها الشيطان، والدليل على ذلك خروجهم جميعا من هذه الجنة.
وأما قوله تعالى خطابا لإبليس: (فاهبط منها فما يكون لك ان تتكبر فيها فاخرج منها) الأعراف - 13، فيمكن أن يكون المراد به الخروج من الملائكة، أو الخروج من السماء من جهة كونها مقام قرب وتشريف.
قوله تعالى: (وقلنا إهبطوا بعضكم لبعض عدو الآية)، ظاهر السياق أنه خطاب آدم وزوجته وإبليس وقد خص إبليس وحده بالخطاب في سورة الأعراف حيث قال: (فأهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها الآية)، فقوله تعالى: إهبطوا كالجمع بين الخطابين وحكاية عن قضاء قضى الله به العداوة بين إبليس لعنه الله وبين آدم وزوجته وذريتهما، وكذلك قضى به حياتهم في الأرض وموتهم فيها وبعثهم منها.
وذرية آدم مع آدم في الحكم كما ربما يستشعر من ظاهر قوله: (فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون الآية) وكما سيأتي في قوله تعالى: (ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم الآية)، من سورة الأعراف.
إن إسجاد الملائكة لآدم عليه السلام إنما كان من جهة أنه خليفة أرضي، فكان المسجود له آدم عليه السلام وحكم السجدة لجميع البشر، فكان إقامة آدم عليه السلام مقام المسجود له معنونا بعنوان الأنموذج والنائب.
وبالجملة يشبه أن تكون هذه القصة التي قصها الله تعالى من إسكان آدم وزوجته الجنة، ثم إهباطهما لاكل الشجرة كالمثل يمثل به ما كان الانسان فيه قبل نزوله إلى الدنيا من السعادة والكرامة بسكونة حظيرة القدس، ومنزل الرفعة والقرب، ودار نعمة وسرور، وانس ونور، ورفقاء طاهرين، وإخلاء روحانيين، وجوار رب العالمين.
ثم إنه يختار مكانه كل تعب وعناء ومكروه وألم بالميل إلى حياة فانية، وجيفة