أو الخروج والهبوط من المنزلة والكرامة.
وثانيا: أنه يجوز أن يكون الامر بالهبوط والخروج كناية عن النهى عن المقام هناك بين الملائكة، لا عن أصل الكون فيها بالعروج والمرور من غير مقام واستقرار كالملائكة، ويلوح إليه بل يشهد به ما ربما يظهر من الآيات من استراق السمع وقد روي أن الشياطين كانوا يعرجون قبل عيسى إلى السماء السابعة فلما ولد عيسى منعوا من السماء الرابعة فما فوقها، ثم لما ولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم منعوا من جميع السماوات وخطفوا بالخطفة.
وثالثا: أن كلامه تعالى خال عن دخول إبليس الجنة فلا مورد للاستشكال، وإنما ورد ما ورد من حديث الدخول في الروايات وهي آحاد غير متواترة مع احتمال النقل بالمعنى من الراوي.
وأقصى ما يدل من كلامه تعالى على دخوله الجنة قوله تعالى حكاية عن إبليس (وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة الا ان تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين) الأعراف - 19) حيث أتى بلفظة هذه وهي للإشارة من قريب، لكنها لو دلت هيهنا على القرب المكاني لدل في قوله تعالى: (ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين) الأعراف - 18، على مثله فيه تعالى.
وفي العيون عن عبد السلام الهروي قال: قلت للرضا عليه السلام: يابن رسول الله أخبرني عن الشجرة التي أكل منها آدم وحواء ما كانت؟ فقد اختلف الناس فيها فمنهم من يروي أنها الحنطة، ومنهم من يروي أنها شجرة الحسد، فقال كل ذلك حق، قلت: فما معنى هذه الوجوه على اختلافها؟ فقال: يا بن الصلت إن شجرة الجنة تحمل أنواعا، وكانت شجرة الحنطة وفيها عنب وليست كشجرة الدنيا، وان آدم لما أكرمه الله تعالى بإسجاد ملائكته له، وبإدخاله الجنة، قال: هل خلق الله بشرا أفضل مني؟ فعلم الله عز وجل ما وقع في نفسه فناداه إرفع رأسك يا آدم وأنظر إلى ساق العرش، فنظر إلى ساق العرش فوجد عليه مكتوبا لا إله إلا الله ومحمد رسول الله علي ابن أبي طالب أمير المؤمنين وزوجته فاطمة سيدة نساء العالمين والحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، فقال آدم: يا رب من هؤلاء؟ فقال عز وجل يا آدم هؤلاء ذريتك،