يتبدل بالتوبة إذا قبلت ولم يتبدل في موردهما، فإنهما تابا وقبلت توبتهما ولم يرجعا إلى ما كانا فيه من الجنة ولولا أن التكليف إرشادي ليس له الا التبعة التكوينية دون التشريعية لاستلزام قبول التوبة رجوعهما إلى ما كانا فيه من مقام القرب وسيأتي لهذا الكلام بقية فيما سيأتي إن شاء الله.
قوله سبحانه: فأزلهما الشيطان، الظاهر من هذه الجملة كنظائرها وإن لم يكن أزيد من وسوسة الشيطان لهما مثل ما يوسوس لنا (بني آدم) على نحو القاء الوسوسة في القلب من غير رؤية الشخص.
لكن الظاهر من أمثال قوله تعالى في سورة طه: (فقلنا يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك) يدل على أنه تعالى أراهما الشيطان وعرفهما إياه بالشخص والعين دون الوصف وكذا قوله تعالى حكاية عن الشيطان: (يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد الآية حيث أتى بالكلام في صورة حكاية الخطاب، ويدل ذلك على متكلم مشعور به.
وكذا قوله تعالى في سورة الأعراف: (وقاسمهما اني لكما لمن الناصحين) والقسم إنما يكون من مقاسم مشعور به.
وكذا قوله تعالى: (وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما أن الشيطان لكما عدو مبين، كل ذلك يدل على أنه كان يتراءى لهما وكانا يشاهدانه.
ولو كان حالهما عليهما السلام مثل حالنا من عدم المشاهدة حين الوسوسة لجاز لهما أن يقولا: (ربنا اننا لم نشعر وخلنا أن هذه الوساوس هي من أفكارنا من غير استشعار بحضوره، ولا قصد لمخالفة ما وصيتنا به من التحذير من وسوسته.
وبالجملة فهما كانا يشاهدانه ويعرفانه، والأنبياء وهم المعصومون بعصمة الله كذلك يعرفونه ويشاهدونه حين تعرضه بهم لو تعرض على ما وردت به الروايات في نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ويحيى وأيوب وإسماعيل ومحمد صلى الله عليه وآله وعليهم هذا.
وكذا ظاهر هذه الآيات كظاهر قوله تعالى: (ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة)