وان كان تحقق المعصية والخطيئة منه عليه السلام كما قال تعالى: (فتكونا من الظالمين، وقال تعالى: وعصى آدم ربه فغوى الآية، وكما إعترف به فيما حكاه الله عنهما: (ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا و ترحمنا لنكونن من الخاسرين الآية.
لكن التدبر في آيات القصة والدقة في النهي الوارد عن أكل الشجرة يوجب القطع بأن النهي المذكور لم يكن نهيا مولويا وانما هو نهي إرشادي يراد به الارشاد والهداية إلى ما في مورد التكليف من الصلاح والخير لا البعث والإرادة المولوية.
ويدل على ذلك اولا: أنه تعالى فرع على النهى في هذه السورة وفي سورة الأعراف أنه ظلم حيث قال: (لا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين) ثم بدله في سورة طه من قوله: فتشقى مفرعا إياه على ترك الجنة.
ومعنى الشقاء التعب ثم ذكر بعده كالتفسير له: (إن لك أن لا تجوع فيها ولا تعرى، وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى) الآيات.
فأوضح أن المراد بالشقاء هو التعب الدنيوي، الذي تستتبعه هذه الحياة الأرضية من جوع وعطش وعراء وغير ذلك.
فالتوقي من هذه الأمور هو الموجب للنهي الكذائي لا جهة أخرى مولوية فالنهي إرشادي، ومخالفة النهى الارشادي لا توجب معصية مولوية، وتعديا عن طور العبودية وعلى هذا فالمراد بالظلم أيضا في ما ورد من الآيات ظلمهما على أنفسهما في القائها في التعب والتهلكة دون الظلم المذموم في باب الربوبية والعبودية وهو ظاهر.
وثانيا: أن التوبة، وهي الرجوع من العبد إذا استتبع القبول من جانب المولى أوجب كون الذنب كلا ذنب، والمعصية كأنها لم تصدر، فيعامل مع العاصي التائب معاملة المطيع المنقاد، وفي مورد فعله معاملة الامتثال والانقياد.
ولو كان النهى عن أكل الشجرة مولويا وكانت التوبة توبة عن ذنب عبودي ورجوعا عن مخالفة نهى مولوي كان اللازم رجوعهما إلى الجنة مع أنهما لم يرجعا.
ومن هنا يعلم أن استتباع الاكل المنهى للخروج من الجنة كان استتباعا