إلى الأرض التي أخذت منها لأنك تراب وإلى التراب ترجع، وسمى آدم زوجته حواء لأنها كانت أم كل حي ناطق، وصنع الله لآدم وزوجته ثياب بدن وألبسهما، ثم قال الله، هو ذا آدم قد صار كواحد منا يعرف معرفة الخير والشر، والآن فيجب أن يخرج من الجنان لئلا يمد يده فيأخذ من شجرة الحياة أيضا ويأكل فيحيي إلى الدهر، فطرده الله من جنان عدن ليفلح الأرض التي أخذ منها، ولما طرد آدم أسكن من شرقي جنان عدن الملائكة، ولمع سيف متقلب ليحفظوا طريق شجرة الحياة.
انتهى الفصل من (التوراة العربية المطبوعة سنة 1811 ميلادية)، وأنت بتطبيق القصة من الطريقين أعني طريقي القرآن والتوراة ثم التأمل في الروايات الواردة من طريقي العامة و الخاصة تعثر بحقائق من الحال غير أنا اضربنا عن الغور في بيانها والبحث عنها لان الكتاب غير موضوع لذلك.
واما دخول إبليس الجنة وأغواره فيها وهي (أولا) مقام القرب والنزاهة والطهارة وقد قال تعالى: (لا لغو فيها ولا تأثيم) الطور - 23، وهي (ثانيا) في السماء وقد قال تعالى خطابا لإبليس حين إبائه عن السجدة لآدم: (فاخرج منها فإنك رجيم) الحجر - 34، وقال تعالى: (فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها) الأعراف - 12. فالجواب عن الأول كما ربما يقال أن القرآن انما ما نفى من وقوع اللغو وتأثيم في الجنة عن جنة الخلد التي يدخلها المؤمنون في الآخرة وجنة البرزخ التي يدخلونها بعد الموت والارتحال عن دار التكليف، وأما الجنة التي ادخل فيها آدم وزوجته وذلك قبل إستقرار الانسان في دار التكليف وتوجه الأمر والنهي فالقرآن لم ينطق فيه بشئ من ذلك، بل الامر بالعكس وناهيك في ذلك ما ذكر من وقوع عصيان آدم فيه على أن اللغو والتأثيم من الأمور النسبة التي لا تتحقق الا بعد حلول الانسان الدنيا وتوجه الأمر والنهي إليه وتلبسه بالتكليف.
والجواب عن الثاني اولا: ان رجوع الضمير في قوله: فأخرج منها، وقوله:
فاهبط منها إلى السماء غير ظاهر من الآية لعدم ذكر السماء في الكلام سابقا وعدم العهد بها، فمن الجائز أن يكون المراد الخروج من الملائكة والهبوط منها ببعض العنايات،