أن الافعال الانسانية لها نسبة إلى الفاعل ونسبة إلى الواجب، وإحدى النسبتين لا توجب بطلان الأخرى لكونهما طوليتين لا عرضيتين.
الثاني: أن الافعال كما أن لها إستنادا إلى عللها التامة (وقد عرفت أن هذه النسبة ضرورية وجوبية كسائر الموجودات المنسوبة إلى عللها التامة بالوجوب) كذلك لها إستنادا إلى بعض اجزاء عللها التامة كالانسان مثلا، وقد عرفت أن هذه النسبة بالامكان فكون فعل من الافعال ضروري الوجود بملاحظة علته التامة الضرورية لا يوجب عدم كون هذا الفعل ممكنا بنظر آخر، إذ النسبتان ثابتتان وهما غير متنافيتين كما مر فما ذكره جمع من الماديين من فلاسفة العصر الحاضر من شمول الجبر لنظام الطبيعة وإنكار الاختيار باطل جدا بل الحق أن الحوادث بالنسبة إلى عللها التامة واجبة الوجود بالنسبة إلى موادها وأجزاء عللها ممكنة الوجود، وهذا هو الملاك في أعمال الانسان وأفعاله فبنائه في جميع مواقف عمله على أساس الرجاء والتربية والتعليم ونحو ذلك، ولا معنى لابتناء الواجبات والضروريات على التربية والتعليم، ولا الركون إلى الرجاء فيها وهو ظاهر.
كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون - 28. هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شئ عليم - 29.
(بيان) رجوع ثان إلى ما في بدء الكلام فإنه تعالى بعد ما بين في أول السورة ما بين أوضحة بنحو التلخيص بقوله: يا أيها الناس أعبدوا ربكم إلى بضع آيات، ثم رجع