ووجود المادة القابلة وتحقق الشرائط المكانية والزمانية وارتفاع الموانع، وبالجملة كل ما يحتاج إليه الفعل في وجوده كان الفعل واجبا ضروريا، وإذا نسب إلى الانسان فقط، ومن المعلوم أنه جزء من أجزاء العلة التامة كانت النسبة بالامكان.
ثم نقول: سبب الاحتياج والفقر إلى العلة كما بين في محله كون الوجود (وهو مناط الجعل) وجودا إمكانيا، أي رابطا بحسب الحقيقة غير مستقل بنفسه، فما لم ينته سلسلة الربط إلى مستقل بالذات لم ينقطع سلسلة الفقر والفاقة.
ومن هنا يستنتج اولا: أن المعلول لا ينقطع بواسطة استناده إلى علته عن الاحتياج إلى العلة الواجبة التي إليها تنتهي سلسلة الامكان.
وثانيا: ان هذا الاحتياج حيث كان من حيث الوجود كان الاحتياج في الوجود مع حفظ جميع خصوصياته الوجودية وارتباطاته بعلله وشرائطه الزمانية والمكانية إلى غير ذلك.
فقد تبين بهذا أمران الأول: أن الانسان كما أنه مستند الوجود إلى الإرادة الإلهية على حد سائر الذوات الطبيعية وأفعالها الطبيعية فكذلك أفعال الانسان مستنده الوجود إلى الإرادة الإلهية على حد سائر الذوات الطبيعية وأفعالها الطبيعية فكذالك أفعال الانسان مستندة الوجود إلى الإرادة الإلهية، فما ذكره المعتزلة من كون الافعال الانسانية غير مرتبطة الوجود بالله سبحانه وإنكار القدر ساقط من أصله، وهذا الاستناد حيث أنه إستناد وجودي فالخصوصيات الوجودية الموجودة في المعلول دخيلة فيه، فكل معلول مستند إلى علته بحده الوجودي الذي له، فكما أن الفرد من الانسان إنما يستند إلى العلة الأولى بجميع حدوده الوجودية من أب وأم وزمان ومكان وشكل وكم وكيف وعوامل أخر مادية، فكذلك فعل الانسان إنما يستند إلى العلة الأولى مأخوذا بجميع خصوصياته الوجودية، فهذا الفعل إذا إنتسب إلى العلة الأولى والإرادة الواجبة مثلا لا يخرجه ذلك عما هو عليه ولا يوجب بطلان الإرادة الانسانية مثلا في التأثير، فإن الإرادة الواجبية إنما تعلقت بالفعل الصادر من الانسان عن إرادة واختيار، فلو كان هذا الفعل حين التحقق غير إرادي وغير إختياري لزم تخلف إرادته تعالى عن مراده وهو محال، فما ذهب إليه المجبرة من الأشاعرة من أن تعلق الإرادة الإلهية بالافعال الإرادية يوجب بطلان تأثير الإرادة والاختيار فاسد جدا، فالحق الحقيق بالتصديق