بنت جحش، ولن أعود إليه، فنزلت الآيات.
وقيل. إن رسول الله قسم الأيام بين نسائه، فلما كان يوم حفصة قالت: يا رسول الله! إن لي إلى أبي حاجة فائذن لي أن أزوره. فأذن لها. فلما خرجت أرسل رسول الله! إلى جاريته مارية القبطية، وكان قد أهداها له المقوقس، فأدخلها بيت حفصة، فوقع عليها، فأتت حفصة. فوجدت الباب مغلقا، فجلست عند الباب. فخرج رسول الله ووجهه يقطر عرقا. فقالت حفصة:
إنما أذنت لي من أجل هذا! أدخلت أمتك بيتي، ثم وقعت عليها في يومي، وعلى فراشي. أما ما رأيت لي حرمة وحقا؟! فقال: أليس هي جاريتي قد أحل الله ذلك لي أسكتي فهو حرام علي ألتمس بذلك رضاك فلا تخبري بهذا امرأة منهن، وهو عندك أمانة.
فلما خرج رسول الله قرعت حفصة الجدار الذي بينها وبين عائشة، فقالت: ألا أبشرك إن رسول الله قد حرم عليه أمته مارية، وقد أراحنا الله منها.
وأخبرت عائشة بما رأت، وكانتا متصافيتين متظاهرتين على سائر أزواجه، فنزلت:
(يا أيها النبي لم تحرم) فطلق حفصة، واعتزل سائر نسائه تسعة وعشرين يوما، وقعد في مشربة أم إبراهيم مارية حتى نزلت آية التخيير، عن قتادة، والشعبي، ومسروق. وقيل. إن النبي خلا في يوم لعائشة مع جاريته أم إبراهيم مارية القبطية، فوقفت حفصة على ذلك، فقال لها رسول الله: لا تعلمي عائشة ذلك، وحرم مارية على نفسه. فأعلمت حفصة عائشة الخبر، واستكتمتها إياه، فأطلع الله نبيه على ذلك، وهو قوله. (وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا) يعني حفصة، عن الزجاج، قال: ولما حرم مارية القبطية أخبر حفصة أنه يملك من بعده أبو بكر، ثم عمر، فعرفها بعض ما أفشت من الخبر، وأعرض عن بعض إن أبا بكر وعمر يملكان بعدي. وقريب من ذلك ما رواه العياشي بالإسناد عن عبد الله بن عطاء المكي، عن أبي جعفر عليه السلام إلا أنه زاد في ذلك. إن كل واحدة منهما حدثت أباها بذلك، فعاتبهما رسول الله في أمر مارية، وما أفشتا عليه من ذلك، وأعرض عن أن يعاتبهما في الأمر الأخر.
المعنى: (يا أيها النبي)، ناداه سبحانه بهذا النداء تشريفا له، وتعليما لعباده، كيف يخاطبونه في أثناء محاوراتهم، ويذكرونه في خلال كلامهم (لم تحرم ما أحل