عن بعض ما ذكرت، وعن بعض ما جرى من الأمر، فلم يخبرها. وكان صلى الله عليه وآله وسلم قد علم جميع ذلك لأن الإعراض إنما يكون بعد المعرفة، لكنه أخذ بمكارم الأخلاق، والتغافل من خلق الكرام. قال الحسن. ما استقصى كريم قط. وأما عرف بالتخفيف فمعناه. غضب عليها وجازاها بان طلقها تطليقة، ثم راجعها بأمر الله. وقيل:
جازاها بان هم بطلاقها.
(فلما نبأها به) أي فلما أخبر رسول الله حفصة بما أظهره الله عليه (قالت) حفصة (من أنبأك هذا) أي من أخبرك بهذا (قال) رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (نبأني العليم) بجميع الأمور (الخبير) بسرائر الصدور. ثم خاطب سبحانه عائشة وحفصة فقال: (إن تتوبا إلى الله) من التعاون على النبي بالإيذاء والتظاهر عليه، فقد حق عليكما التوبة، ووجب عليكم الرجوع إلى الحق. (فقد صغت) أي مالت (قلوبكما) إلى الإثم، عن ابن عباس ومجاهد. وقيل: معناه ضاقت قلوبكما عن سبيل الاستقامة، وعدلت عن الثواب إلى ما يوجب الإثم. وقيل: تقديره إن تتوبا إلى الله يقبل توبتكما. وقيل: إنه شرط في معنى الأمر أي: توبا إلى الله فقد صغت قلوبكما (وإن تظاهرا عليه) أي وان تتعاونا على النبي بالإيذاء، عن ابن عباس، قال: قلت لعمر بن الخطاب: من المرأتان اللتان تظاهرتا على رسول الله صلى الله عليه وآله والسلم؟ قال: عائشة وحفصة. أورده البخاري في الصحيح.
(فإن الله هو مولاه)، الذي يتولى حفظه وحياطته ونصرته (وجبريل) أيضا معين له، وناصر يحفظه (وصالح المؤمنين) يعني خيار المؤمنين، عن الضحاك. وقيل:
يعني الأنبياء، عن قتادة. وقال الزجاج: صالح هنا ينوب عن الجميع كما تقول:
يفعل هذا الخير من الناس، تريد كل خير. قال أبو مسلم: هو صالحو المؤمنين على الجمع. وسقطت الواو في المصحف لسقوطها في اللفظ. ووردت الرواية من طريق الخاص والعام أن المراد بصالح المؤمنين أمير المؤمنين علي عليه السلام، وهو قول مجاهد. وفي كتاب شواهد التنزيل بالإسناد عن سدير الصيرفي، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لقد عرف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عليا عليه السلام أصحابه مرتين أما مرة فحيث قال: (من كنت مولاه فعلي مولاه). وأما الثانية فحيث نزلت هذه الآية (فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين) الآية. أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بيد علي عليه السلام فقال: أيها الناس! هذا صالح المؤمنين. وقالت أسماء بنت عميس سمعت أن النبي صلى الله عليه وآله والسلم يقول