اللحوم حتى تهجم على القلوب.
ثم قال سبحانه: (وما أدراك ما الحطمة) تفخيما لأمرها. ثم فسرها بقوله:
(نار الله الموقدة) أي المؤججة. أضافها سبحانه إلى نفسه ليعلم أنها ليست كسائر النيران. ثم وصفها بالايقاد على الدوام (التي تطلع على الأفئدة) أي تشرف على القلوب فيبلغها ألمها وحريقها. وقيل: معناه أن هذه النار تخرج من الباطن إلى الظاهر، بخلاف نيران الدنيا (إنها عليهم مؤصدة) يعني أنها على أهلها مطبقة، يطبق أبوابها عليهم، تأكيدا للإياس عن الخروج (في عمد ممددة) وهي جمع عمود. وقال أبو عبيدة: كلاهما جمع عماد. قال: وهي أوتاد الأطباق التي تطبق على أهل النار. وقال مقاتل: أطبقت الأبواب عليهم، ثم شدت بأوتاد من حديد من نار، حتى يرجع إليهم غمها وحرها، فلا يفتح عليهم باب، ولا يدخل عليهم روح.
وقال الحسن: يعني عمد السرادق في قوله: (وأحاط بهم سرادقها) فإذا مدت تلك العمد، أطبقت جهنم على أهلها، نعوذ بالله منها. وقال الكلبي: في عمد مثل السواري، ممددة مطولة، تمد عليهم. وقال ابن عباس: هم في عمد أي في أغلال في أعناقهم، يعذبون بها.
وروى العياشي بإسناده، عن محمد بن النعمان الأحول، عن حمران بن أعين، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن الكفار والمشركين، يعيرون أهل التوحيد في النار، ويقولون: ما نرى توحيدكم أغنى عنكم شيئا، وما نحن وأنتم إلا سواء! قال:
فيأنف لهم الرب تعالى، فيقول للملائكة: اشفعوا فيشفعون لمن شاء الله. ثم يقول للنبيين: اشفعوا فيشفعون لمن شاء الله. ثم يقول للمؤمنين: اشفعوا فيشفعون لمن شاء الله. ويقول الله. أنا أرحم الراحمين، اخرجوا برحمتي كما يخرج الفراش.
قال: ثم قال أبو جعفر عليه السلام: ثم مدت العمد، وأوصدت عليهم، وكان والله الخلود!.