طلقتم النساء) لأنه السيد المقدم، فإذا نودي وخوطب خطاب الجمع، كانت أمته داخلة في ذلك الخطاب، عن الحسن وغيره. وقيل: إن تقديره يا أيها النبي! قل لأمتك إذا طلقتم النساء، عن الجبائي. فعلى هذا يكون النبي صلى الله عليه وآله وسلم خارجا عن الحكم. وعلى القول الأول حكمه حكم أمته في أمر الطلاق. وعلى هذا انعقد الاجماع، والمعنى: إذا أردتم طلاق النساء مثل قوله سبحانه: (إذا قمتم إلى الصلاة)، وقوله: (فإذا قرأت القرآن).
(فطلقوهن لعدتهن)، أي لزمان عدتهن، وذلك أن يطلقها في طهر لم يجامعها فيه، عن ابن عباس، وابن مسعود، والحسن، ومجاهد، وابن سيرين، وقتادة، والضحاك، والسدي. فهذا هو الطلاق للعدة، لأنها تعتد بذلك الطهر من عدتها، وتحصل في العدة عقيب الطلاق. فالمعنى: فطلقوهن لطهرهن الذي يحصينه من عدتهن، ولا تطلقوهن لحيضهن الذي لا يعتددن به من قرئهن. فعلى هذا يكون العدة الطهر على ما ذهب إليه أصحابنا، وهو مذهب الشافعي. وقيل: إن المعنى قبل عدتهن أي: في طهر لم يجامعها فيه والعدة الحيض، كما يقال: توضأت للصلاة، ولبست السلاح للحرب، وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه.
وقيل: إن اللام للسبب، فكأنه قال: فطلقوهن ليعتددن، ولا شبهة أن هذا الحكم للمدخول بها لأن المطلقة قبل المسيس لا عدة عليها. وقد ورد به التنزيل في سورة الأحزاب، وهو قوله (فما لكم عليهن من عدة تعتدونها). وظاهر الآية يقتضي أنه إذا طلقها في الحيض، أو في طهر قد جامعها فيه، فلا يقع الطلاق لأن الأمر يقتضي الإيجاب، وبه قال سعيد بن المسيب، وذهبت إليه الشيعة الإمامية. وقال باقي الفقهاء. يقع الطلاق، وإن كان بدعة، وخلاف المأمور به، وكذلك إن جمع بين التطليقات الثلاث، فإنها بدعة عند أبي حنيفة، وأصحابه، وإن كانت واقعة.
وعند المحققين من أصحابنا يقع واحدة عند حصول شرائط صحة الطلاق.
والطلاق في الشرع: عبارة عن تخلية المرأة بحل عقدة من عقد النكاح، وذلك أن يقول. (أنت طالق)، يخاطبها أو يقول: (هذه طالق) ويشير إليها، أو يقول:
(فلانة بنت فلان طالق) ". ولا يقع الطلاق عندنا إلا بهذا اللفظ لا بشئ من كنايات الطلاق، سواء أراد بها الطلاق، أو لم يرد بها. وفي تفصيل ذلك اختلافات بين الفقهاء ليس ههنا موضعه وقد يحصل الفراق بغير الطلاق كالارتداد، واللعان كالخلع