ومنهم جبرائيل، فينزل جبرائيل عليه السلام ومعه ألوية، ينصب لواء منها على قبري، ولواء على بيت المقدس، ولواء في المسجد الحرام، ولواء على طور سيناء، ولا يدع فيها مؤمنا، ولا مؤمنة، إلا سلم عليه، إلا مدمن الخمر، وآكل لحم الخنزير، والمتضمخ بالزعفران) (1). عنه صلى الله عليه وآله وسلم قال. (من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه) وعنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: (إن الشيطان لا يخرج في هذه الليلة، حتى يضئ فجرها، ولا يستطيع فيها على أحد بخبل، أو داء، أو ضرب من ضروب الفساد، ولا ينفذ فيه سحر ساحر). وروى الحسن عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال في ليلة القدر: (إنها ليلة سمحة، لا حارة، ولا باردة، تطلع الشمس في صبيحتها، ليس لها شعاع).
ثم قال الله سبحانه تعظيما لشأن هذه الليلة، وتنبيها لعظم قدرها، وشرف محلها (وما أدراك ما ليلة القدر) فكأنه قال: وما أدراك يا محمد ما خطر ليلة القدر، وما حرمتها. وهذا حث على العبادة فيها. ثم فسر سبحانه تعظيمه وحرمته فقال:
(ليلة القدر خير من ألف شهر) أي قيام ليلة القدر والعمل فيها خير من قيام ألف شهر، ليس فيه ليلة القدر وصيامه، عن مقاتل وقتادة. وذلك أن الأوقات إنما يفضل بعضها على بعض، بما يكون فيها من الخير ومن النفع، فلما جعل الله الخير الكثير في ليلة القدر، كانت خيرا من ألف شهر، لا يكون فيها من الخير والبركة، ما يكون في هذه الليلة.
ذكر عطاء عن ابن عباس قال: ذكر لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رجل من بني إسرائيل، أنه حمل السلاح على عاتقه في سبيل الله تعالى ألف شهر، فعجب من ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عجبا شديدا، وتمنى أن يكون ذلك في أمته، فقال: يا رب! جعلت أمتي أقصر الناس أعمارا، وأقلها أعمالا، فأعطاه الله ليلة القدر، وقال: ليلة القدر خير من ألف شهر الذي حمل الإسرائيلي السلاح في سبيل الله، لك ولأمتك من بعدك إلى يوم القيامة في كل رمضان. ثم أخبر سبحانه بما يكون في تلك الليلة فقال (تنزل الملائكة) أي تتنزل الملائكة (والروح) يعني جبرائيل (فيها) أي في ليلة القدر إلى الأرض، ليسمعوا الثناء على الله، وقراءة القرآن. وغيرها من الأذكار.
وقيل: ليسلموا على المسلمين بإذن الله أي بأمر الله. وقيل: ينزلون بكل أمر إلى