وأكثر ما يستعمل ذلك في النفي، مثل ما زال تقول ما انفك من هذا الأمر أي:
ما انفصل منه لشدة ملابسته له. والبينة الحجة الظاهرة التي يتميز بها الحق من الباطل، وأصلها من البينونة وفصل الشئ من غيره، فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم حجة وبينة.
وإقامة الشهادة العادلة بينة، وكل برهان ودلالة بينة. والقيمة: المستمرة في جهة الصواب. والحنيف: المائل إلى الصواب والحق، والحنيفية: الشريعة المائلة إلى الحق، وأصله الميل. ومن ذلك الأحنف: المائل القدم إلى جهة القدم الأخرى.
وقيل: أصله الاستقامة. وإنما قيل للمائل القدم أحنف على وجه التفاؤل.
الاعراب: (رسول من الله): بدل من (البينة) قبله. وقال الفراء: هو مستأنف تقديره هو رسول دين القيمة، تقديره: دين لملة القيمة، لأنه إذا لم يقدر ذلك، كان إضافة الشئ إلى صفته، وذلك غير جائز، لأنه بمنزلة إضافة الشئ إلى نفسه (جزاؤهم عند ربهم جنات عدن) أي دخول جنات عدن (خالدين فيها): حال من مضمر أي يجزونها خالدين فيها.
المعنى: (لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب) يعني اليهود والنصارى.
(والمشركين) أي ومن المشركين الذين هم عبدة الأوثان من العرب وغيرهم، وهم الذين ليس لهم كتاب (منفكين) أي منفصلين وزائلين. وقيل: لم يكونوا منتهين عن كفرهم بالله، وعبادتهم غير الله، عن ابن عباس في رواية عطاء والكلبي (حتى تأتيهم) اللفظ لفظ الاستقبال، ومعناه المضي، كقوله (ما تتلو الشياطين) أي ما تلت. وقوله (البينة) يريد محمدا صلى الله عليه وآله وسلم، عن ابن عباس ومقاتل. بين سبحانه لهم ضلالهم وشركهم. وهذا إخبار من الله تعالى عن الكفار، أنهم لم ينتهوا عن كفرهم، وشركهم بالله، حتى أتاهم محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فبين لهم ضلالهم عن الحق، ودعاهم إلى الإيمان. وقيل: معناه لم يكونوا ليتركوا منفكين من حجج الله، حتى تأتيهم البينة التي تقوم بها الحجة عليهم.
وقوله: (رسول من الله) بيان للبينة، وتفسير لها أي: رسول من قبل الله (يتلو) عليهم (صحفا مطهرة) يعني مطهرة في السماء، لا يمسها إلا الملائكة المطهرون، ومن الأنجاس، عن الحسن، والجبائي. وهو محمد صلى الله عليه وآله وسلم أتاهم بالقرآن، ودعاهم إلى التوحيد والإيمان (فيها) أي في تلك الصحف (كتب قيمة) أي مستقيمة عادلة، غير ذات عوج، تبين الحق من الباطل. وقيل: مطهرة عن