ظلامه، عن الحسن (ما ودعك ربك وما قلى) هذا جواب القسم ومعناه: وما تركك يا محمد ربك، وما قطع عنك الوحي توديعا لك، وما قلاك أي: ما أبغضك منذ اصطفاك.
(وللآخرة خير لك من الأولى) يعني أن ثواب الآخرة والنعيم الدائم فيها، خير لك من الدنيا الفانية، والكون فيها. وقيل: إن له صلى الله عليه وآله وسلم في الجنة ألف ألف قصر من اللؤلؤ، ترابه من المسك، وفي كل قصر ما ينبغي له من الأزواج والخدم، وما يشتهي على أتم الوصف، عن ابن عباس. وقيل: معناه ولآخر عمرك الذي بقي، خير لك من أوله، لما يكون فيه من الفتوح والنصرة. (ولسوف يعطيك ربك فترضى) معناه: وسيعطيك ربك في الآخرة من الشفاعة والحوض، وسائر أنواع الكرامة فيك، وفي أمتك، ما ترضى به، وروى حرب بن شريح، عن محمد بن علي بن الحنفية أنه قال: يا أهل العراق! تزعمون أن أرجى آية في كتاب الله عز وجل (يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم) الآية، وإنا أهل البيت عليهم السلام نقول:
أرجى آية في كتاب الله (ولسوف يعطيك ربك فترضى) وهي والله الشفاعة، ليعطينها في أهل لا إله إلا الله، حتى يقول: رب رضيت. وعن الصادق عليه السلام قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على فاطمة عليها السلام، وعليها كساء من ثلة الإبل، وهي تطحن بيدها، وترضع ولدها، فدمعت عينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما أبصرها، فقال: يا بنتاه!
تعجلي مرارة الدنيا بحلاوة الآخرة، فقد أنزل الله علي: (ولسوف يعطيك ربك فترضى). وقال زيد بن علي: إن من رضا رسول الله أن يدخل أهل بيته الجنة.
وقال الصادق عليه السلام: رضا جدي أن لا يبقى في النار موحد.
ثم عدد سبحانه عليه نعمه في دار الدنيا فقال: (ألم يجدك يتيما فآوى) قيل في معناه قولان أحدهما: إنه تقرير لنعمة الله عليه حين مات أبوه، وبقي يتيما فآواه الله بأن سخر له أولا عبد المطلب، ثم لما مات عبد المطلب قيض له (1) أبا طالب، وسخره للإشفاق عليه، وحببه إليه حتى كان أحب إليه من أولاده، فكفله ورباه.
واليتيم من لا أب له، وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم مات أبوه، وهو في بطن أمه. وقيل: إنه مات بعد ولادته بمدة قليلة، وماتت أمه صلى الله عليه وآله وسلم وهو ابن سنتين، ومات جده وهو ابن