الخطاب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم. وقيل: إن المراد بالسائل طالب العلم، وهو متصل بقوله (ووجدك ضالا فهدى) عن الحسن، والمعنى: علم من يسألك كما علمك الله الشرائع، وكنت بها غير عالم.
(وأما بنعمة ربك فحدث) معناه: اذكر نعمة الله وأظهرها، وحدث بها. وفي الحديث: (من لم يشكر الناس، لم يشكر الله، ومن لم يشكر القليل، لم يشكر الكثير، والتحدث بنعمة الله لشكر وتركه كفر). وقيل: يريد بالنعمة القرآن، عن الكلبي قال: وكان القرآن أعظم ما أنعم الله عليه به، فأمره أن يقرأه. وقيل: بالنبوة التي أعطاك ربك، عن مجاهد، واختاره الزجاج قال: أي بلغ ما أرسلت به، وحدث بالنبوة التي آتاكها الله، وهي أجل النعم. وقيل: معناه اشكر لما ذكر من النعمة عليك في هذه السورة. قال الصادق عليه السلام معناه: فحدث بما أعطاك الله وفضلك ورزقك وأحسن إليك وهداك.
النظم: وجه اتصال قوله (وللآخرة خير لك من الأولى) بما قبله أن في قوله:
(ما ودعك ربك وما قلى) إثباتا لمحبته سبحانه إياه، وإنعامه عليه، فاتصل هذا أيضا به. والتقدير ليس الأمر كما قالوه، بل الوحي يأتيك ما عمرت، وتدوم محبتي لك، وما أعطيتك في الآخرة من الشرف، ورفعة المنزلة، خير مما أعطيتك اليوم، فإذا حسدوك على ذا، فكيف بهم إذا رأوا ذلك. وأما اتصال قوله (ألم يجدك) بما قبله، فوجهه أنه اتصال ذكر النعم بذكر المنعم، والتقدير: إنه سبحانه سينعم عليك في مستقبل أمرك، كما أنعم عليك في الماضي من أمرك.