معناه الكمال والعلو والرفعة، والعرش أكمل كل شئ وأعلاه، وأجمعه لصفات الحسن. (فعال لما يريد) لا يعجزه شئ طلبه، ولا يمتنع منه شئ أراده، عن عطاء. وقيل: لما يريد من الإبداء والإعادة.
ثم ذكر سبحانه خبر الجموع الكافرة فقال: (هل أتاك حديث الجنود) الذين تجندوا على أنبياء الله أي: هل بلغك أخبارهم. وقيل: أراد قد أتاك. ثم بين سبحانه أصحاب الجنود فقال: (فرعون وثمود) والمعنى تذكر يا محمد حديثهم، تذكر معتبر، كيف كذبوا أنبياء الله، وكيف نزل بهم العذاب، وكيف صبر الأنبياء، وكيف نصروا، فاصبر كما صبر أولئك، ليأتيك النصر كما أتاهم. وهذا من الإيجاز البديع، والتلويح الفصيح الذي لا يقوم مقامه التصريح. (بل الذين كفروا) يعني مشركي قريش (في تكذيب) لك وللقرآن قد أعرضوا عما يوجبه الاعتبار، وأقبلوا على ما يوجبه الكفر والطغيان.
(والله من ورائهم محيط) معناه أنهم في قبضة الله وسلطانه، لا يفوتونه كالمحاصر المحاط به من جوانبه، لا يمكنه الفوات والهرب، وهذا من بلاغة القرآن (بل هو قرآن مجيد) أي كريم، لأنه كلام الرب، عن ابن عباس، أي ليس هو كما يقولون من أنه شعر، أو كهانة وسحر، بل هو قرآن كريم، عظيم الكرم، فيما يعطي من الخير، جليل الخطر والقدر. وقيل: هو قرآن كريم لما يعطي من المعاني الجليلة، والدلائل النفيسة، ولأن جميعه حكم، والحكم على ثلاثة أوجه لا رابع لها: معنى يعمل عليه فيما يخشى أو يتقى، وموعظة تلين القلب للعمل بالحق، وحجة تؤدي إلى تمييز الحق من الباطل في علم دين أو دنيا، وعلم الدين أشرفهما.
وجميع ذلك موجود في القرآن.
(في لوح محفوظ) من التغيير والتبديل، والنقصان والزيادة، وهذا على قراءة من رفعه فجعله من صفة قرآن. ومن جره فجعله صفة للوح، فالمعنى: إنه محفوظ لا يطلع عليه غير الملائكة. وقيل: محفوظ عند الله، وهو أم الكتاب، ومنه نسخ القرآن والكتب. وهو الذي يعرف باللوح المحفوظ، وهو من درة بيضاء، طوله ما بين السماء والأرض، وعرضه ما بين المشرق والمغرب، عن ابن عباس ومجاهد.
وقيل: إن اللوح المحفوظ الذي ذكره الله في جبهة إسرافيل، عن أنس. وقيل:
اللوح المحفوظ عن يمين العرش، عن مقاتل.