الإيمان. (النار ذات الوقود) أي أصحاب النار الذين أوقدوها بإحراق المؤمنين.
وقوله: (ذات الوقود) إشارة إلى كثرة حطب هذه النار، وتعظيم لأمرها، فإن النار لا تخلو عن وقود.
(إذ هم عليها قعود) يعني الكفار، إذ هم على أطراف هذه النار جلوس يعذبون المؤمنين عن ابن عباس. وقيل: يعني هم عندها قعود، يعرضونهم على الكفر، عن مقاتل. قال مجاهد: كانوا قعودا على الكراسي عند الأخدود، وهو قوله (وهم) يعني الملك وأصحابه الذين خدوا الأخدود (على ما يفعلون بالمؤمنين) من عرضهم على النار وإرادتهم أن يرجعوا إلى دينهم (شهود) أي حضور. قال الزجاج: أعلم الله قصة قوم بلغت بصيرتهم، وحقيقة إيمانهم، إلى أن صبروا على أن أحرقوا بالنار في الله. وقال الربيع بن أنس: لما ألقوا في النار، نجى الله المؤمنين بأن أخذ أرواحهم قبل أن تمسهم النار، وخرجت النار إلى من على شفير الأخدود من الكفار، فأحرقتهم. وقيل: إنهم كانوا فرقتين: فرقة تعذب المؤمنين، وفرقة تشاهد الحال، لم يتولوا تعذيبهم، لكنهم قعود، رضوا بفعل أولئك، وكانت الفرقة القاعدة مؤمنة لكنهم لم ينكروا على الكفار صنيعهم، فلعنهم الله جميعا، عن أبي مسلم.
والقعود: جمع القاعد وكذلك الشهود جمع الشاهد. وهم كل حاضر على ما شاهدوه إما بسمع أو بصر.
(وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله) أي ما كرهوا منهم إلا أنهم آمنوا، عن ابن عباس. وقيل: ما أنكروا عليهم دينا، وما عابوا منهم شيئا، إلا إيمانهم. وهذا كقوله: (هل تنقمون منا إلا أن آمنا بالله) عن الزجاج ومقاتل. وقال الجبائي: ما فعلوا بهم ذلك العذاب إلا بإيمانهم (العزيز) القادر الذي لا يمتنع عليه شئ، القاهر الذي لا يقهر (الحميد) المحمود في جميع أفعاله (الذي له ملك السماوات والأرض) أي له التصرف في السماوات والأرض، لا اعتراض لأحد عليه (والله على كل شئ شهيد) أي شاهد عليهم، لم يخف عليه فعلهم بالمؤمنين، فإنه يجازيهم، وينتصف للمؤمنين منهم (إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات) أي الذين أحرقوهم، وعذبوهم بالنار، عن ابن عباس وقتادة والضحاك، ومثله (يوم هم على النار يفتنون) (ثم لم يتوبوا) من فعلهم ذلك، ومن الشرك الذي كانوا عليه. وإنما شرط عدم التوبة، لأنهم لو تابوا لما توجه إليهم الوعيد (فلهم عذاب جهنم) بكفرهم (ولهم