البنات، وتأمرهم أن يحلوه. فجمعهم فأخبرهم فأبوا أن يتابعوه، فخد لهم أخدودا في الأرض، وأوقد فيه النيران، وعرضهم عليها، فمن أبى قبول ذلك قذفه في النار، ومن أجاب خلى سبيله.
وقال الحسن: كان النبي (ص) إذا ذكر أمامه أصحاب الأخدود، تعوذ بالله من جهد البلاء. وروى العياشي بإسناده، عن جابر، عن أبي جعفر (ع) قال: أرسل علي (ع) إلى أسقف نجران يسأله عن أصحاب الأخدود، فأخبره بشئ، فقال (ع): ليس كما ذكرت، ولكن سأخبرك عنهم: إن الله بعث رجلا حبشيا نبيا، وهم حبشة، فكذبوه فقاتلهم فقتلوا أصحابه، وأسروه وأسروا أصحابه، ثم بنوا له حثيرا (1) ثم ملأوه نارا، ثم جمعوا الناس، فقالوا: من كان على ديننا وأمرنا فليعتزل، ومن كان على دين هؤلاء، فليرم نفسه في النار معه، فجعل أصحابه يتهافتون في النار، فجاءت امرأة معها صبي لها ابن شهر، فلما هجمت على النار، هابت ورقت على ابنها. فناداها الصبي: لا تهابي وارمي بي وبنفسك في النار، فإن هذا والله في الله قليل! فرمت بنفسها في النار، وصبيها، وكان ممن تكلم في المهد.
وبإسناده عن ميثم التمار قال: سمعت أمير المؤمنين (ع)، وذكر أصحاب الأخدود فقال: كانوا عشرة، وعلى مثالهم عشرة، يقتلون في هذا السوق. وقال مقاتل: كان أصحاب الأخدود ثلاثة واحد بنجران، والأخر بالشام، والاخر بفارس، حرقوا بالنار. أما الذي بالشام فهو أنطياخوس الرومي، وأما الذي بفارس فهو بخت نصر، وأما الذي بأرض العرب فهو يوسف بن ذي نواس. فأما من كان بفارس والشام فلم ينزل الله تعالى فيهما قرآنا، وأنزل في الذي كان بنجران، وذلك أن رجلين مسلمين ممن يقرأون الإنجيل أحداهما بأرض تهامة، والآخر بنجران اليمن، أجر أحدهما نفسه في عمل يعمله، فجعل يقرأ الإنجيل. فرأت ابنة المستأجر النور يضئ من قراءة الإنجيل، فذكرت لأبيها، فرمق (2) حتى رآه، فسأله فلم يخبره، فلم يزل به حتى أخبره بالدين والإسلام، فتابعه مع سبعة وثمانين إنسانا، من رجل وامرأة.
وهذا بعدما رفع عيسى إلى السماء، فسمع يوسف بن ذي نواس بن شراحيل بن تبع الحميري، فخد لهم في الأرض، وأوقد فيها، فعرضهم على الكفر. فمن أبى قذفه في النار، ومن رجع عن دين عيسى لم يقذف فيها. وإذا امرأة جاءت ومعها ولد