وتذكرة للخلق، يمكنهم أن يتوصلوا به إلى الحق، والذكر هو ضد السهو، والذاكر لا يخلو من أن يكون عالما، أو جاهلا، أو مقلدا، أو شاكا، ولا يصح شئ من ذلك مع السهو الذي يضاد الذكر. (لمن شاء منكم أن يستقيم) على أمر الله وطاعته. ذكر سبحانه أنه ذكر لجميع الخلق على العموم، ثم خص المستقيم لأن المنفعة راجعة إليهم، كما قال. (إنما تنذز من اتبع الذكر وخشي الرحمن بالغيب).
(وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين) فيه أقوال أحدها: إن معناه وما تشاؤون الاستقامة على الحق إلا أن يشاء الله ذلك من حيث خلقكم لها، وكلفكم بها، فمشيئته بين يدي مشيئتكم، عن الجبائي وثانيها: إنه خطاب للكفار، والمراد: لا تشاؤون الاسلام إلا أن يشاء الله أن يجبركم عليه، ويلجئكم إليه. ولكنه لا يفعل، لأنه يريد منكم أن تؤمنوا اختيارا لتستحقوا الثواب، ولا يريد أن يحملكم عليه، عن أبي مسلم. وثالثها: إن المراد وما تشاؤون الاسلام إلا أن يشاء الله أن يلطف لكم في الاستقامة، لما في الكلام من معنى النعمة.