(في أي صورة ما شاء ركبك) أي: في أي شبه من أب، أو أم، أو خال، أو عم، عن مجاهد. وروي عن الرضا (ع) عن آبائه عن النبي (ص) أنه قال لرجل:
ما ولد لك؟ قال: يا رسول الله! وما عسى أن يولد لي، إما غلام، وأما جارية.
قال. فمن يشبه؟ قال: يشبه أمه وأباه. فقال (ص): لا تقل هكذا إن النطفة إذا استقرت في الرحم، أحضرها الله كل نسب بينها وبين آدم. أما قرأت هذه الآية (في أي صورة ما شاء ركبك) أي: فيما بينك وبين آدم. وقيل: في أي صورة ما شاء من صور الخلق ركبك، إن شاء في صورة انسان، وإن شاء في صورة حمار، وإن شاء في صورة قرد، عن عكرمة، وأبي صالح. وقال الصادق (ع): لو شاء ركبك على غير هذه الصورة. والمعنى أنه سبحانه يقدر على جعلك كيف شاء، ولكنه خلقك في أحسن تقويم حتى صرت على صورتك التي أنت عليها، لا يشبهك شئ من الحيوان. وقيل: في أي صورة شاء من ذكر أو أنثى، أو جسيم أو نحيف، حسن أو دميم، طويل أو قصير.
(كلا) أي ليس الأمر كما تزعمون أنه لا بعث ولا حساب، وليس هنا موضع الانكار للبعث مع وضوح الأمر فيه، وقيام الدلالة عليه. (بل تكذبون) معاشر الكفار (بالدين) الذي هو الجزاء لإنكاركم البعث والنشور، عن مجاهد وقتادة. وقيل.
تكذبون بالدين الذي جاء به محمد (ص) وهو الاسلام، عن الجبائي (وإن عليكم لحافظين) من الملائكة يحفظون عليكم ما تعملونه من الطاعات والمعاصي. ثم وصف الحفظة فقال: (كراما) على ربهم (كاتبين) يكتبون أعمال بني آدم (يعلمون ما تفعلون) من خير وشر، فيكتبونه عليكم لا يخفى عليهم من ذلك شئ. وقيل: إن الملائكة تعلم ما يفعله العبد إما باضطرار، وإما باستدلال.
وقيل: معناه يعلمون ما تفعلون من الله دون الباطن. وفي هذا دلالة على أن أفعال العبد حادثة من جهتهم، وأنهم المحدثون لها دونه تعالى، وإلا فلا يصح قوله تفعلون.
(إن الأبرار لفي نعيم) وهو الجنة. والأبرار: أولياء الله المطيعون في الدنيا (وإن الفجار لفي جحيم) وهو العظيم من النار. والمراد بالفجار هنا الكفار المكذبون للنبي (ص) لقوله: (يصلونها يوم الدين) أي يلزمونها بكونهم فيها (وما هم عنها بغائبين) أي لا يكونون غائبين عنها بل يكونون مؤبدين فيها. وقد دل الدليل