تطيعه ملائكة السماء. قالوا: ومن طاعة الملائكة لجبرائيل أنه أمر خازن الجنة ليلة المعراج، حتى فتح لمحمد (ص) أبوابها، فدخلها ورأى ما فيها، وأمر خازن النار ففتح له عنها، حتى نظر إليها.
(أمين) أي على وحي الله ورسالاته إلى أنبيائه. وفي الحديث: (إن رسول الله (ص) قال لجبرائيل (ع): ما أحسن ما أثنى عليك ربك: (ذي قوة عند العرش مكين مطاع ثم أمين) فما كانت قوتك، وما كانت أمانتك؟ فقال: أما قوتي فإني بعثت إلى مدائن لوط، وهي أربع مدائن، في كل مدينة أربعمائة ألف مقاتل سوى الذراري، فحملتهن من الأرض السفلى حتى سمع أهل السماوات أصوات الدجاج، ونباح الكلاب، ثم هويت بهن، فقلبتهن. وأما أمانتي فإني لم أؤمر بشئ فعدوته إلى غيره.
ثم خاطب سبحانه جماعة الكفار فقال: (وما صاحبكم) الذي يدعوكم إلى الله، وإخلاص طاعته (بمجنون) والمجنون المغطى على عقله، حتى لا يدرك الأمور على ما هي عليه للآفة الغامرة له، وبغمور الآفة يتميز من النائم، لأن النوم ليس بآفة، وهذا أيضا من جواب القسم. أقسم الله عز اسمه إن القرآن نزل به جبرائيل، وإن محمدا (ص) ليس على ما يرميه به أهل مكة من الجنون. (ولقد رآه بالأفق المبين) أي رأى محمدا (ص) جبرائيل (ع) على صورته التي خلقه الله تعالى عليها، حيث تطلع الشمس، وهو الأفق الأعلى من ناحية المشرق، عن قتادة ومجاهد والحسن. (وما هو على الغيب بضنين) أي ليس هو على وحي الله تعالى، وما يخبر به من الأخبار، بمتهم، فإن أحواله ناطقة بالصدق والأمانة، عن ابن عباس، وسعيد بن جبير، وإبراهيم، والضحاك. ومن قرأ بالضاد فالمعنى: إنه ليس ببخيل فيما يؤدي عن الله أن يعلمه كما علمه الله (وما هو بقول شيطان رجيم) رجمه الله باللعنة، عن الحسن. وقيل: رجم بالشهب طردا من السماء، والمعنى: وليس القرآن بقول شيطان رجيم م ألقاه إليه، كما قال المشركون: إن الشيطان يلقي إليه كما يلقي إلى الكهنة.
ثم بكتهم الله سبحانه فقال: (فأين تذهبون) أي: فأي طريق تسلكون أبين من هذه الطريقة التي قد بينت لكم، عن الزجاج. وقيل: معناه فأين تعدلون عن هذا القرآن، وهو الشفاء والهدى (إن هو إلا ذكر للعالمين) معناه: ما القرآن إلا عظة،