القراءة: قرأ أهل الكوفة وأبو جعفر: (فعدلك) خفيفة. والباقون بالتشديد.
وقرأ أبو جعفر: بل يكذبون بالياء. والباقون بالتاء، وقرأ ابن كثير، وأهل البصرة: (يوم لا تملك) بالرفع. والباقون بالنصب. وفي الشواذ قراءة سعيد بن جبير: (ما أغرك بربك).
الحجة: أما (عدلك) بالتشديد فمعناه: عدل خلقك فأخرجك في أحسن تقويم. وأما (عدلك) بالتخفيف فمعناه: عدل بعضك ببعض، فكنت معتدل الخلقة متناسبها، فلا تفاوت فيها. وقوله: (يكذبون) بالياء يكون إخبارا عن الكفار.
وبالتاء على خطابهم. وأما وجه الرفع في قوله. (يوم لا تملك نفس) أنه خبر مبتدأ محذوف أي: هو يوم لا تملك. والمعنى يوم الدين يوم لا تملك نفس. وأما النصب: فإنه لما قال (وما أدراك ما يوم الدين) فجرى ذكر الدين، وهو الجزاء قال. (يوم لا تملك) يعني الجزاء يوم لا تملك نفس، فصار (يوم لا تملك) خبر الجزاء المضمر، لأنه حدث. وتكون أسماء الزمان أخبارا عن الحدث.
ويجوز النصب على وجه آخر وهو أن اليوم لما جرى في أكثر الأمر ظرفا، ترك على ما كان يكون عليه في أكثر أمره. والدليل على ذلك ما اجتمع عليه القراء والعرب في قوله تعالى: (وأنا منا الصالحون ومنا دون ذلك) ومما يقوي النصب في ذلك قوله: (وما أدراك ما القارعة يوم يكون الناس). وقوله: (يسألون أيان يوم الدين يوم هم على النار يفتنون) فالنصب في (يوم لا تملك نفس) مثل هذا ونحوه. قال أبو الحسن: ولو رفع ذلك كله كان جيدا، إلا أنا نختار ما عليه الناس. وأما من قرأ (ما أغرك). فيجوز أن يكون معناه: ما الذي دعاك إلى الاغترار به. ويجوز أن يكون تعجبا. وقد قيل في قوله (فما أصبرهم على النار) هذان الوجهان. وأغرك يجوز أن يكون من الغر والغرارة، فيكون معناه: ما أجهلك وما أغفلك، عما يراد بك. ويجوز أن يكون من الغرور على غير القياس كما قيل في المثل: (أشغل من ذات النحيين) (1).