بأنه عالم بجميع المعلومات، لأنها لا تعدو هذين القسمين. وعن أبي جعفر عليه السلام قال: الغيب ما لم يكن، والشهادة ما كان. (هو الرحمن) أي المنعم على جميع خلقه (الرحيم) بالمؤمنين.
ثم أعاد سبحانه قوله (هو الله الذي لا إله إلا هو الملك) يعني السيد المالك لجميع الأشياء، الذي له التصرف فيها على وجه ليس لأحد منعه منه. وقيل: هو الواسع القدرة (القدوس) أي الطاهر من كل عيب ونقص، وآفة، المنزه عن القبائح. وقيل: هو المطهر عن الشريك والولد، لا يوصف بصفات الأجسام، ولا بالتجزئة والانقسام. وقيل: هو المبارك الذي تنزل البركات من عنده، عن الحسن.
(السلام) أي الذي سلم عباده من ظلمه. وقيل: هو المسلم من كل عيب ونقص وآفة. وقيل: هو الذي من عنده ترجى السلامة، عن الجبائي، وهو اسم من السلامة، وأصله مصدر، فهو مثل الجلال والجلالة. (المؤمن) الذي أمن خلقه من ظلمه لهم، إذ قال. (لا يظلم مثقال ذرة) عن ابن عباس (1). وقيل: الذي امن بنفسه قبل إيمان خلقه به، عن الحسن، وأشار إلى قوله: (شهد الله أنه لا إله إلا هو) الآية. والمعنى أنه بين لخلقه توحيده وإلهيته بما أقام لهم من الدلائل وقيل معناه المصدق لما وعد المحقق له كالمؤمن الذي يصدق قوله فعله. وقيل: هو الذي أمن أولياؤه عذابه. وقيل: هو الداعي إلى الإيمان، الآمر به، الموجب لأهله اسمه، عن أبي مسلم.
(المهيمن) أي الأمين حتى لا يضيع لأحد عنده حق، عن ابن عباس والضحاك والجبائي. وقيل: هو الشاهد، عن مجاهد وقتادة. كأنه شهيد على إيمان من آمن به. وقيل: هو المؤمن في المعنى، لأن أصله المؤيمن، إلا أنه أشد مبالغة في الصفة. وقيل: هو الرقيب على الشئ، يقال: هيمن يهيمن فهو مهيمن إذا كان رقيبا على الشئ. (العزيز) أي القادر الذي لا يصح عليه القهر. وقيل: هو المنيع الذي لا يرام، ولا يمتنع عليه مرام (الجبار) وهو العظيم الشأن في الملك والسلطان، ولا يستحق أن يوصف به على هذا الإطلاق إلا الله تعالى، فإن وصف به العباد، فإنما يوضع اللفظ في غير موضعه، ويكون ذما. وقيل: هو الذي يذل له من دونه، ولا تناله يد. وقيل: هو الذي يقهر الناس، ويجبرهم على ما أراد، عن