وأرغب فيها عن لقيط وأهله، ولكنني عن سنبس لست أرغب أي: أرغب بها عن لقيط (ليس كمثله شئ) أي ليس مثله شئ. والكاف زائدة مؤكدة لمعنى النفي. قال أوس بن حجر:
وقتلى كمثل جذوع النخيل يغشاهم سبل منهمر (1) وقال آخر:
سعد بن زيد إذا أبصرت فضلهم، ما إن كمثلهم في الناس من أحد وقيل: معناه أنه لو قدر لله تعالى مثل لم يكن لذلك المثل مثل، لما تقرر في العقول أن الله تعالى متفرد بصفات لا يشاركه فيها غيره. فلو كان له مثل لتفرد بصفات لا يشاركه فيها غيره، فكان هو الله. وقد دل الدليل على أنه ليس مع الله إله آخر.
وقيل: فيه حذف مضاف، ومثل بمعنى الصفة تقديره: ليس كصاحب صفته شئ، وصاحب صفته هو، أي ليس كهو شئ. والوجه هو الأول.
(وهو السميع البصير) لما نفى أن يكون له نظير وشبيه، على وجه من الوجوه بين أنه مع ذلك سميع بصير، فإنما المدحة في أنه لا مثل له مع كونه سميعا بصيرا لجميع المسموعات والمبصرات. (له مقاليد السماوات والأرض) أي: مفاتيح أرزاق السماوات والأرض، وأسبابها. فتمطر السماء بأمره، وتنبت الأرض بإذنه، عن مجاهد. وقيل: معناه خزائن السماوات والأرض، عن السدي (يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر) أي: يوسع الرزق لمن يشاء، ويضيق على من يشاء على ما يعلمه من المصالح للعباد (إنه بكل شئ عليم) فيفعل ذلك بحسب المصالح.
ثم خاطب سبحانه خلقه فقال: (شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا) أي:
بين لكم ونهج وأوضح من الدين والتوحيد والبراءة من الشرك، ما وصى به نوحا (والذي أوحينا إليك) أي: وهو (2) الذي أوحينا إليك يا محمد (و) وهو (ما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى). ثم بين ذلك بقوله: (أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه)