الداعي فقيل. هو إسرافيل يدعو الناس إلى الحشر قائما على صخرة بيت المقدس، عن مقاتل. وقيل: بل الداعي يدعوهم إلى النار، ويوم ظرف ليخرجون أي. في هذا اليوم يخرجون من الأجداث. ويجوز أن يكون التقدير في هذا اليوم يقول الكافرون.
وقوله: (خشعا أبصارهم) يعني خاشعة أبصارهم أي ذليلة خاضعة عند رؤية العذاب. وإنما وصف الأبصار بالخشوع، لأن ذلة الذليل، أو عزة العزيز، تتبين في نظره، وتظهر في عينه. (يخرجون من الأجداث) أي من القبور (كأنهم جراد منتشر) والمعنى أنهم يخرجون فزعين، يدخل بعضهم في بعض، ويختلط بعضهم ببعض، لا جهة لأحد منهم، فيقصدها، كما أن الجراد لا جهة لها فتكون أبدا متفرقة في كل جهة. قال الحسن: الجراد يتلبد حتى إذا طلعت عليها الشمس، انتشرت.
فالمعنى: إنهم يكونون ساكنين في قبورهم، فإذا دعوا خرجوا وانتشروا. وقيل: إنما شبههم بالجراد لكثرتهم. وفي هذه الآية دلالة على أن البعث إنما يكون لهذه البنية، لأنها الكائنة في الأجداث، خلافا لمن زعم أن البعث يكون للأرواح.
(مهطعين إلى الداعي) أي مقبلين إلى صوت الداعي، عن قتادة. وقيل:
مسرعين إلى إجابة الداعي، عن أبي عبيدة. وقيل: ناظرين قبل الداعي، قائلين:
هذا يوم عسر، عن الفراء وأبي علي الجبائي. وهو قوله (يقول الكافرون هذا يوم عسر) أي صعب شديد. وقد قيل أيضا في قوله (فتول عنهم يوم يدع الداع إلى شئ نكر) أقوال أخر أحدها: إن المعنى فأعرض عنهم إذا تعرضوا لشفاعتك يوم يدع الداعي، وهو يوم القيامة، فلا تشفع لهم ذلك اليوم، كما لم يقبلوا منك اليوم وثانيها: إن معناه فتول عنهم، فإنهم يرون ما ينزل بهم من العذاب، يوم يدع الداعي، وهو يوم القيامة. فحذف الفاء من جواب الأمر وثالثها: إن معناه فتول عنهم، فإنهم يوم يدعو الداعي صفتهم كذا وكذا، وهي ما بينه إلى قوله أيوم عسر). ورابعها. فتول عنهم، واذكر يوم يدع الداعي إلى اخره، عن الحسن.
(كذبت قبلهم) أي قبل كفار مكة (قوم نوح فكذبوا عبدنا) نوحا كما كذبك يا محمد هؤلاء الكفار، وجحدوا نبوتك. (وقالوا مجنون) أي هو مجنون قد غطي على عقله (وازدجر) أي: زجر بالشتم، والرمي بالقبيح، عن ابن زيد. وقيل:
معناه زجر بالوعيد وتوعد بالقتل، فهو مثل قوله: (لئن لم تنته يا نوح لتكونن من