بإيمان من الآباء. فالولد يحكم له بالإسلام تبعا لوالده، واتبع: بمعنى تبع. ومن قرأ (وأتبعناهم) فهو منقول من تبع، ويتعدى إلى المفعولين. وقيل: الاتباع إلحاق الثاني بالأول في معنى يكون الأول عليه، لأنه لو ألحق به من غير أن يكون في معنى هو عليه، لم يكن اتباعا، وكان إلحاقا. والمعنى: إنا نلحق الأولاد بالآباء في الجنة والدرجة، من أجل إيمان الآباء، لتقر أعين الأباء باجتماعهم معهم في الجنة، كما كانت تقر بهم في الدنيا، عن ابن عباس والضحاك وابن زيد. وفي رواية أخرى عن ابن عباس: إنهم البالغون ألحقوا بدرجات آبائهم، وإن قصرت أعمالهم، تكرمة لابائهم.
فإن قيل: كيف يلحقون بهم في الثواب ولم يستحقوه؟ فالجواب: إنهم يلحقون بهم في الجمع، لا في الثواب والمرتبة. وروى زاذان عن علي (ع) قال:
قال رسول الله (ص): (إن المؤمنين وأولادهم في الجنة). ثم قرأ هذه لآية. وروي عن الصادق (ع) قال: أطفال المؤمنين يهدون إلى آبائهم يوم القيامة. (وما ألتناهم من عملهم من شئ) أي لم ننقص الأباء من الثواب حين ألحقنا بهم ذرياتهم، عن ابن عباس ومجاهد، وتم الكلام.
ثم ذكر سبحانه أهل النار فقال: (كل امرئ بما كسب رهين) أي كل امرئ كافر مرتهن في النار بما كسب، أي عمل من الشرك، عن مقاتل. والمؤمن من لا يكون (1) مرتهنا لقوله: (كل نفس بما كسبت رهينة ألا أصحاب اليمين)، فاستثنى المؤمنين. وقيل: معناه كل انسان يعامل بما يستحقه، ويجازى بحسب ما عمله، إن عمل طاعة أثيب، وإن عمل معصية عوقب. ولا يؤاخذ أحد بذنب غيره. ثم ذكر سبحانه ما يزيدهم من الخير والنعمة فقال: (وأمددناهم بفاكهة) أي أعطيناهم حالا بعد حال، فإن الإمداد هو الإتيان بالشئ بعد الشئ. والفاكهة: جنس الثمار.
(ولحم مما يشتهون) أي وأعطيناهم وأمددناهم بلحم من الجنس الذي يشتهونه (يتنازعون فيها كأسا) أي: يتعاطون كأس الخمر.
ثم وصف الكأس فقال: (لا لغو فيها ولا تأثيم) أي لا يجري بينهم باطل، لأن اللغو ما يلغى، ولا ما فيه إثم، كما يجري في الدنيا بين شرب الخمر.