من العجم، والقبائل من العرب، والأسباط من بني إسرائيل. وروي ذلك عن الصادق (ع) (لتعارفوا) أي جعلناكم كذلك لتعارفوا، فيعرف بعضكم بعضا بنسبه وأبيه وقومه. ولولا ذلك لفسدت المعاملات، وخربت الدنيا، ولما أمكن نقل حديث (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) أي: إن أكثركم ثوابا، وأرفعكم منزلة عند الله، أتقاكم لمعاصيه، وأعملكم بطاعته. وروي عن النبي (ص) أنه قال: (يقول الله تعالى يوم القيامة: أمرتكم فضيعتم ما عهدت إليكم فيه، ورفعتم أنسابكم، فاليوم أرفع نسبي، وأضع أنسابكم. أين المتقون) (إن أكرمكم عند الله أتقاكم). وروي أن رجلا سأل عيسى بن مريم: أي الناس أفضل؟ فاخذ قبضتين من تراب فقال: أي هاتين أفضل؟ الناس خلقوا من تراب، فأكرمهم أتقاهم.
أبو بكر البيهقي بالإسناد عن عباية بن ربعي، عن ابن عباس قال: قال رسول الله (ص): (إن الله عز وجل جعل الخلق قسمين، فجعلني في خيرهم قسما، وذلك قوله: (وأصحاب اليمين... وأصحاب الشمال) فانا من أصحاب اليمين. وأنا خير أصحاب اليمين. ثم جعل القسمين أثلاثا، فجعلني في خيرها ثلثا، وذلك قوله: (وأصحاب الميمنة... وأصحاب المشئمة... والسابقون السابقون) فانا من السابقين، وأنا خير السابقين. ثم جعل الأثلاث قبائل فجعلني في خيرها قبيلة، وذلك قوله (وجعلناكم شعوبا وقبائل) الآية. فإني أتقى ولد آدم ولا فخر، وأكرمهم على الله ولا فخر. ثم جعل القبائل بيوتا، فجعلني في خيرها بيتا، وذلك قوله عز وجل: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) فأنا وأهل بيتي مطهرون من الذنوب).
(إن الله عليم) بأعمالكم (خبير) بأحوالكم، لا يخفى عليه شئ من ذلك (قالت الأعراب آمنا) وهم من بني أسد، أتوا النبي (ص) في سنة جدبة، وأظهروا الاسلام، ولم يكونوا مؤمنين في السر، إنما كانوا يطلبون الصدقة. والمعنى: إنهم قالوا صدقنا بما جئت به، فأمره الله سبحانه أن يخبرهم بذلك ليكون آية معجزة له، فقال: (قل لم تؤمنوا) أي لم تصدقوا على الحقيقة في الباطن (ولكن قولوا أسلمنا) أي انقدنا واستسلمنا مخافة السبي والقتل، عن سعيد بن جبير وابن زيد.