باليمامة على آبار لهم، عن قتادة. وقيل: هم أصحاب الأخدود. وقيل: كان سحق النساء في أصحاب الرس. وروي ذلك عن أبي جعفر، وأبي عبد الله (ع) (وثمود) وهم قوم صالح (وعاد) وهم قوم هود (وفرعون وإخوان لوط) أي وكذب فرعون موسى، وقوم لوط لوطا، وسماهم إخوانه لكونهم من نسبه. (وأصحاب الأيكة) وهم قوم شعيب (وقوم تبع) وهم تبع الحميري الذي ذكرناه عند قوله (أهم خير أم قوم تبع).
(كل) من هؤلاء المذكورين (كذب الرسل) المبعوثة إليهم، وجحدوا نبوتهم (فحق وعيد) أي وجب عليهم عذابي الذي أوعدتهم به. فإذا كان مآل الأمم الخالية، إذ كذبوا الرسل، الهلاك والدمار، وإنكم معاشر العرب قد سلكتم مسالكهم في التكذيب والإنكار، فحالكم كحالهم في التباب والخسار.
ثم قال سبحانه جوابا لقولهم: (ذلك رجع بعيد): (أفعيينا بالخلق الأول) أي أفعجزنا حين خلقناهم أولا، ولم يكونوا شيئا، فكيف نعجز عن بعثهم وإعادتهم.
وهذا تقرير لهم لأنهم اعترفوا بان الله هو الخالق، ثم أنكروا البعث. ويقال لكل من عجز عن شئ: عيي به. ثم ذكر أنهم في شك من البعث بعد الموت، فقال: (بل هم في لبس من خلق جديد) أي بل هم في ضلال وشك من إعادة الخلق جديدا.
واللبس: منع من ادراك المعنى بما هو كالستر له. والجديد: القريب الانشاء.
(ولقد خلقنا الانسان) أراد به الجنس يعني ابن آدم (ونعلم ما توسوس به نفسه) أي ما يحدث به قلبه، وما يخفى ويكن في نفسه، ولا يظهره لأحد من المخلوقين.
(ونحن أقرب إليه) بالعلم (من حبل الوريد) وهو عرق يتفرق في البدن يخالط الانسان في جميع أعضائه. وقيل: هو عرق الحلق، عن أبن عباس ومجاهد.
وقيل: هو عرق متعلق بالقلب يعني نحن أقرب إليه من قلبه، عن الحسن. وقيل:
معناه نحن أعلم به ممن كان منه بمنزلة حبل الوريد في القرب. وقيل معناه: نحن أملك له من حبل وريده مع استيلائه عليه، وقربه منه. وقيل: معناه نحن أقرب إليه بالإدراك من حبل الوريد، لو كان مدركا.
ثم ذكر سبحانه أنه مع علمه به وكل به ملكين يحفظان عليه عمله، إلزاما للحجة فقال: (إذ يتلقى المتلقيان) فإذ متعلقة بقوله (ونحن أقرب إليه) أي ونحن أعلم به، وأملك له، حين يتلقى المتلقيان، وهما الملكان يأخذان منه عمله،