والظن المحمود قد بينه الله تعالى ودل عليه بقوله: (لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا) وقيل: معناه يجب على المؤمن أن يحسن الظن، ولا يسيؤه في شئ يجد له تأويلا جميلا، وإن كان ظاهرا قبيحا (ولا تجسسوا) أي: ولا تتبعوا عثرات المؤمنين، عن ابن عباس وقتادة ومجاهد. وقال أبو عبيدة: التجسس والتحسس واحد. وروي في الشواذ عن ابن عباس: (ولا تحسسوا) بالحاء. قال الأخفش: وليس يبعد أحدهما عن الآخر، إلا أن التجسس عما يكتم، ومنه الجاسوس. والتحسس بالحاء: البحث عما تعرفه. وقيل: إن التجسس بالجيم في الشر، والجاسوس صاحب سر الشر. والناموس: صاحب سر الخير (1). وقيل: معناه لا تتبعوا عيوب المسلمين، لتهتكوا العيوب التي سترها أهلها. وقيل: معناه ولا تبحثوا عما خفي حتى يظهر، عن الأوزاعي. وفي الحديث: (إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث، ولا تجسسوا، ولا تقاطعوا، ولا تحاسدوا، ولا تنابزوا (2)، وكونوا عباد الله إخوانا).
وقوله: (ولا يغتب بعضكم بعضا) الغيبة: ذكر العيب بظهر الغيب على وجه تمنع الحكمة منه. وفي الحديث: (إذا ذكرت الرجل بما فيه مما يكرهه الله فقد اغتبته، وإذا ذكرته بما ليس فيه فقد بهته). وعن جابر قال: قال رسول الله (ص):
(إياكم والغيبة، فإن الغيبة أشد من الزنا). ثم قال: (إن الرجل يزني ثم يتوب فيتوب الله عليه، وإن صاحب الغيبة لا يغفر له حتى يغفر له صاحبه). ثم ضرب سبحانه للغيبة مثلا فقال: (أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا) وتأويله: إن ذكرك بالسوء من لم يحضرك، بمنزلة أن تأكل لحمه، وهو ميت، لا يحس بذلك، عن الزجاج.
ولما قيل لهم (أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا) قالوا: لا. فقيل:
(فكرهتموه) أي: فكما كرهتم ذلك، فاجتنبوا ذكره بالسوء غائبا، عن مجاهد.
وقيل: فكما كرهتم لحمه ميتا، فاكرهوا غيبته حيا، عن الحسن، فهذا هو تقدير الكلام. وقوله: (واتقوا الله) معطوف على هذا الفعل المقدر، ومثله: (ألم نشرح