عتاب بن أسيد: الحمد لله الذي قبض أبي حتى لم ير هذا اليوم! وقال الحرث بن هشام: أما وجد محمد غير هذا الغراب الأسود مؤذنا؟ وقال سهيل بن عمرو: إن يرد الله شيئا يغيره لغيره. وقال أبو سفيان: إني لا أقول شيئا أخاف أن يخبره به رب السماوات. فأتى جبرائيل (ع) رسول الله (ص) فأخبره بما قالوا. فدعاهم رسول الله (ص) وسألهم عما قالوا، فأقروا به، ونزلت الآية، وزجرهم عن التفاخر بالأنساب، والازدراء بالفقر، والتكاثر بالأموال، عن مقاتل.
المعنى: لما أمر سبحانه بإصلاح ذات البين، ونهى عن التفرق، عقب ذلك بالنهي عن أسباب الفرقة من السخرية والازدراء باهل الفقر والمسكنة، ونحو ذلك فقال: (يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم) قال الخليل: القوم يقع على الرجال دون النساء، لقيام بعضهم مع بعض في الأمور.
قال زهير:
وما أدري، ولست أخال أدري، أقوم آل حصن، أم نساء فالمعنى لا يسخر رجال من رجال. والسخرية: الاستهزاء. قال مجاهد: معناه لا يسخر غني من فقير لفقره، وربما يكون الفقير المهين في ظاهر الحال، خيرا وأجل منزلة عند الله من الغني الحسن الحال. ولو سخر مؤمن من كافر احتقارا له، لم يكن مأثوما. وقال ابن زيد: هذا نهي عن استهزاء المسلمين بمن أعلن بفسقه، عسى أن يكون المسخور عند الله خيرا من الساخر معتقدا، أو أسلم باطنا. (ولا نساء من نساء) على المعنى الذي تقدم (عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم) أي لا يطعن بعضكم على بعض، كما قال تعالى (ولا تقتلوا أنفسكم) لأن المؤمنين كنفس واحدة، فكأنه إذا قتل أخاه قتل نفسه، عن ابن عباس وقتادة. واللمز: العيب في المشهد. والهمز: العيب في المغيب. وقيل: إن اللمز يكون باللسان وبالعين وبالإشارة. والهمز لا يكون إلا باللسان. وقيل: معناه ولا يلعن بعضكم بعضا، عن الضحاك.
(ولا تنابزوا بالألقاب) جمع اللقب، وهو اسم غير الذي سمي به الانسان.
وقيل: هو كل اسم لم يوضع له، وإذا دعي به يكرهه. فأما إذا كان لا يسوؤه، ولا يكرهه، فلا بأس فيه مثل الفقيه والقاضي. وقيل: هو قول الرجل للرجل: يا كافر،