متمرديهم زيادات تليق بجلال الله وطوله على عباده.
من ذلك أنهم لما كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وآله في مسيره إلى تبوك قالوا: لن نصبر على طعام واحد كما قالت بنو إسرائيل لموسى عليه السلام وكانت آية رسول الله صلى الله عليه وآله الظاهرة لهم في ذلك أعظم من الآية الظاهرة لقوم موسى.
وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله لما امر بالمسير إلى تبوك، امر بأن يخلف عليا عليه السلام بالمدينة، فقال علي عليه السلام: يا رسول الله ما كنت أحب أن أتخلف عنك في شئ من أمورك، وأن أغيب عن مشاهدتك، والنظر إلى هديك وسمتك.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى الا أنه لا نبي بعدي (1)، تقيم يا علي فان لك في مقامك من الاجر مثل الذي يكون لك لو خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وآله، ولك مثل أجور كل من خرج مع رسول الله صلى الله عليه وآله موقنا طائعا، وان لك علي - يا علي - أن أسأل الله بمحبتك (2) أن تشاهد من محمد سمته في سائر أحواله، ان الله (3) يأمر جبرئيل في جميع مسيرنا هذا (4) أن يرفع الأرض التي نسير عليها، والأرض التي تكون أنت عليها، ويقوي بصرك حتى تشاهد محمدا وأصحابه في سائر أحوالك وأحوالهم، فلا يفوتك الانس من رؤيته ورؤية أصحابه، ويغنيك ذلك عن المكاتبة والمراسلة.
فقام رجل من مجلس زين العابدين عليه السلام لما ذكر هذا وقال له: يا بن رسول الله كيف يكون هذا لعلي، إنما يكون هذا للأنبياء، لا لغيرهم!
فقال زين العابدين عليه السلام: هذا هو معجزة لمحمد رسول الله صلى الله عليه وآله لا لغيره، لان الله تعالى لما رفعه بدعاء محمد، زاد في نوره أيضا بدعاء محمد حتى شاهد