التي تخاطبه، ولم يعلم أن إبليس قد اختبأ بين لحييها.
فرد آدم على الحية: أيتها الحية هذا من غرور إبليس لعنه الله كيف يخوننا ربنا؟ أم كيف تعظمين الله بالقسم به وأنت تنسبينه إلى الخيانة وسوء النظر، وهو أكرم الأكرمين؟
أم كيف أروم التوصل إلى ما منعني منه ربي عز وجل، وأتعاطاه (1) بغير حكمة؟
فلما أيس إبليس من قبول آدم منه، عاد ثانية بين لحيي الحية فخاطب حواء من حيث يوهمها أن الحية هي التي تخاطبها، وقال: يا حواء أرأيت هذه الشجرة التي كان الله عز وجل حرمها عليكما، قد أحلها لكما بعد تحريمها لما عرف من حسن طاعتكما له، وتوقيركما إياه؟ وذلك أن الملائكة الموكلين بالشجرة - الذين (2) معهم حراب يدفعون عنها سائر حيوان الجنة - لا تدفعك عنها إن رمتها (3) فاعلمي بذلك أنه قد أحل لك، وابشري بأنك إن تناولتها قبل آدم كنت أنت المسلطة عليه، الآمرة الناهية فوقه.
فقالت حواء: سوف أجرب هذا.
فرامت الشجرة فأرادت الملائكة أن تدفعها (4) عنها بحرابها.
فأوحى الله تعالى إليها (5): إنما تدفعون بحرابكم من لا عقل له يزجره، فأما من جعلته ممكنا مميزا مختارا، فكلوه إلى عقله الذي جعلته حجة عليه، فان أطاع استحق ثوابي، وإن عصى وخالف [أمري] استحق عقابي وجزائي.
فتركوها ولم يتعرضوا لها، بعد ما هموا بمنعها بحرابهم.
فظنت أن الله نهاهم عن منعها لأنه قد أحلها بعد ما حرمها.