فقال عبد الله لأصحاب له: كيف نصنع؟ هذا محمد وصحبه (1) وإنما نريد أن نقتل محمدا ونفرا من أصحابه، ولكن إذا مات محمد وقع بأس هؤلاء بينهم، فلا يلتقي (2) منهم اثنان في طريق.
وبعث ابن أبي إلى أصحابه والمتعصبين له ليتسلحوا ويجتمعوا، وقال: ما هو إلا أن يموت محمد حتى يلقانا (3) أصحابه، ويتهالكوا.
فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وآله داره، أومأ عبد الله إلى بيت له صغير، فقال: يا رسول الله أنت وهؤلاء الأربعة يعني عليا وسلمان والمقداد وعمارا في هذا البيت، والباقون (4) في الدار والحجرة والبستان، ويقف منهم قوم على الباب حتى يفرغ [منهم] أقوام ويخرجون، ثم يدخل بعدهم أقوام.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الذي يبارك في هذا الطعام القليل ليبارك في هذا البيت الصغير الضيق، ادخل يا علي ويا سلمان ويا مقداد ويا عمار، [و] ادخلوا معاشر المهاجرين والأنصار. فدخلوا أجمعين وقعدوا (5) حلقة واحدة كما يستديرون حول ترابيع الكعبة، وإذا البيت قد وسعهم أجمعين حتى أن بين كل رجلين منهم موضع رجل.
فدخل عبد الله بن أبي فرأي [عجبا] عجيبا من سعة البيت الذي كان ضيقا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ائتنا بما عملته. فجاءه بالحريرة الملبقة بالسمن والعسل، و [ب] الحمل المشوي. فقال ابن أبي: يا رسول الله كل أنت أولا قبلهم، ثم ليأكل صحبك هؤلاء: علي ومن معه، ثم يطعم (6) هؤلاء.