كما يجعل هؤلاء المبتلون بهذا الرعد [والبرق] أصابعهم في آذانهم لئلا يخلع صوت الرعد أفئدتهم، فكذلك يجعلون أصابعهم في آذانهم إذا سمعوا لعنك لمن نكث البيعة ووعيدك لهم إذا علمت أحوالهم (يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت) لئلا يسمعوا لعنك [ولا] وعيدك فتغير ألوانهم فيستدل أصحابك أنهم هم المعنيون باللعن والوعيد، لما قد ظهر من التغير والاضطراب عليهم، فتقوى التهمة عليهم، فلا يأمنون هلاكهم بذلك على يدك وفي حكمك.
ثم قال: " والله محيط بالكافرين " مقتدر عليهم، لو شاء أظهر لك نفاق منافقيهم وأبدى لك أسرارهم، وأمرك بقتلهم.
ثم قال: " يكاد البرق يخطف أبصارهم " وهذا مثل قوم ابتلوا ببرق فلم يغضوا عنه أبصارهم، ولم يستروا منه وجوههم لتسلم عيونهم من تلالئه، ولم ينظروا إلى الطريق الذي يريدون أن يتخلصوا فيه بضوء البرق، ولكنهم نظروا إلى نفس البرق فكاد يخطف أبصارهم.
فكذلك هؤلاء المنافقون يكاد ما في القرآن من الآيات المحكمة الدالة على نبوتك الموضحة عن صدقك في نصب أخيك علي عليه السلام إماما.
ويكاد ما يشاهدونه منك يا محمد، ومن أخيك علي من المعجزات الدالات على أن أمرك وأمره هو الحق الذي لا ريب فيه، ثم هم مع ذلك لا ينظرون في دلائل ما يشاهدون من آيات القرآن، وآياتك، وآيات أخيك علي بن أبي طالب عليه السلام، يكاد ذهابهم عن الحق في حججك يبطل عليهم سائر ما قد علموه (1) من الأشياء التي يعرفونها لان من جحد حقا واحدا، أداه ذلك الجحود إلى أن يجحد كل حق، فصار جاحده في بطلان سائر الحقوق عليه، كالناظر إلى جرم الشمس في ذهاب نور بصره.
ثم قال: " كلما أضاء لهم مشوا فيه "