فقام سراقة بن مالك بن جعشم (وهو في أسفل المروة) فقال: يا رسول الله أرأيت عمرتنا (وفي لفظ: متعتنا) هذه [أ] لعامنا هذا أم لابد الأبد؟ قال فشبك رسول الله (ص) أصابعه واحدة في أخرى وقال: دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة، لا بل لابد أبد لا بل لابد أبد، ثلاث مرات.
(قال: يا رسول الله بين لنا ديننا كأنا خلقنا الآن، فيما العمل اليوم؟ أفيما جفت به الأقلام وجرت به المقادير أو فيما نستقبل؟ قال: لا بل فيما جفت به الأقلام وجرت به المقادير. قال: ففيم العمل إذن؟ قال: اعملوا فكل ميسر لما خلق له).
قال جابر: فأمرنا إذا حللنا أن نهدي، ويجتمع النفر منا في الهدية، كل سبعة منا في بدنة فمن لم يكن معه هدي، فليصم ثلاثة أيام وسبعة إذا رجع إلى أهله.
قال: فقلنا: حل ماذا؟ قال: الحل كله.
قال: فكبر ذلك علينا، وضاقت به صدورنا قال: فخرجنا إلى البطحاء، قال: فجعل الرجل يقول: عهدي باهلي اليوم.
قال: فتذاكرنا بيننا فقلنا: خرجنا حجاجا لا نريد الا الحج، ولا ننوي غيره، حتى إذا لم يكن بيننا وبين عرفة إلا أربع، (وفي رواية: خمس ليال أمرنا أن نفضي إلى نسائنا فنأتي عرفة تقطر مذاكيرنا المني من النساء، قال: يقول جابر بيده، (قال الراوي): كأني أنظر إلى قوله بيده يحركها، قالوا: كيف نجعلها متعة وقد سمينا الحج؟
قال: فبلغ ذلك النبي (ص) فما ندري أشئ بلغه من السماء، أم شئ بلغه من قبل الناس.
فقام فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه فقال: أبا لله تعلموني أيها الناس! قد علمتم أنى أتقاكم لله وأصدقكم وأبركم، افعلوا ما آمركم به فإني لولا هديي لحللت كما تحلون ولكن لا يحل منى حرام حتى يبلغ الهدي محله ولو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي، فحلوا.
قال: فواقعنا النساء وتطيبنا بالطيب ولبسنا ثيابنا وسمعنا وأطعنا.
فحل الناس كلهم وقصروا إلا النبي (ص) ومن كان معه هدي.