فلم يزل واقفا حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلا حتى غاب القرص. وقال: وقفت ههنا وعرفة كلها موقف.
وأردف أسامة بن زيد خلفه.
ودفع رسول الله (ص) (وفي رواية: أفاض وعليه السكينة) وقد شنق للقصواء الزمام، حتى أن رأسها ليصيب مورك رحله ويقول بيده اليمنى هكذا وأشار بباطن كفه إلى السماء أيها الناس السكينة السكينة.
كلاما آتى حبلا من الحبال أرخى لها قليلا حتى تصعد. حتى أتى المزدلفة فصلى بها فجمع بين المغرب والعشاء، بأذان واحد وإقامتين، ولم يسبح بينهما شيئا.
ثم اضطجع رسول الله (ص) حتى طلع الفجر، وصلى الفجر حين تبين له الفجر، باذان وإقامة.
ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام فرقى عليه فاستقبل القبلة، فدعا، (وفي لفظ: فحمد الله) وكبره وهلله ووحده. فلم يزل واقفا حتى أسفر جدا.
(وقال: وقفت ههنا، والمزدلفة كلها موقف). فدفع من جمع قبل أن تطلع الشمس وعليه السكينة. وأردف الفضل بن عباس - وكان رجلا حسن الشعر أبيض وسيما - فلما دفع رسول الله (ص) مرت به ظعن تجرين، فطفق الفضل ينظر إليهن، فوضع رسول الله (ص) يده على وجه الفضل، فحول الفضل وجهه إلى الشق الآخر، فحول رسول الله (ص) يده من الشق الآخر على وجه الفضل، يصرف وجهه من الشق الآخر ينظر!
حتى أتى بطن محسر، فحرك قليلا وقال: عليكم السكينة ثم سلك الطريق الوسطى التي تخرجك على الجمرة الكبرى حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة، فرماها ضحى بسبع حصيات، يكبر مع كل حصاة منها، مثل حصي الخذف فرمى من بطن الوادي وهو على راحلته وهو يقول:
لتأخذوا مناسككم فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه.
قال: ورمى بعد يوم النحر في سائر أيام التشريق إذا زالت الشمس،