وبين الجوى.
قلنا: إذا كان سبب جوى القلب الذي هو الحزن به والغم على حلوله جاز أن يسمى باسمه، فقد سموا السبب باسم مسببه والمسبب باسم سببه، وتخطوا ذلك إلى ما هو أبعد منه كثيرا، والاستعارات واسعة فسيحة.
وفي قولي " الفجر المغلس " معنى لطيف، لأنني أشرت إلى أن الشيب عجل عن وقته المعهود له، فلهذا شبهته بالفجر الطالع في الغلس قبل أوان طلوعه المألوف.
ولي من قصيدة أولها " لمن ضرم أعلى البقاع تعلقا ":
وعيرنني شيبا سيكسين مثله * ومن ضل عن أيدي الردى شاب مفرقا وهل تارك للمرء يوما شبابه * صباح وإمساء ومنأى وملتقى ولي من قصيدة أولها " ما قربوا إلا لبين نوقا ":
ذهب الشباب وكم مضى من فائت * لا يستطيع له الغداة لحوقا ما كان إلا العيش قضى فانقضى * بالرغم أو ماء الحياة أريقا فلو إنني خيرت يوما خلة * ما كنت إلا للشباب صديقا ولقد ذكرت على تقادم عهده * عيشا لنا بالأنعمين أنيقا أزمان كان بها ردائي ساحبا * أشرا وغصني بالشباب وريقا وإذا تراءى في عيون ظبائهم * كنت الفتى المرموق والموموقا