وقالوا الخضاب شباب جديد * فقلت النصول مشيب جديد وقال محمود الوراق:
إن النصول إذا بدا * فكأنه شيب جديد وفي البيت الرابع تفضيل لون الشيب على لون الخضاب.
فأما البيت الذي أوله " وأي انتفاع لي بلون شبيبة " فمعناه كيف أدلس بياض شعري بتسويده ولون جلدي بتشنجه وتغضنه لا يليق بالشباب وإنما يليق بالشيب، فإنما دلست ما هو منفضح ولبست ما هو منكشف. وكان عندي إني منفرد بهذا المعنى حتى وجدت لابن الرومي:
رأيت خضاب المرء عند مشيبه * حدادا على شرخ الشبيبة يلبس وإلا فما يغزو امرؤ بخضابه * أيطمع أن يخفى شباب مدلس وكيف بأن يخفى المشيب لخاضب * وكل ثلاث صبحه يتنفس وهبه يواري شيبه أين ماؤه * وأين أديم للشبيبة أملس ووجدت ابن الرومي يتصرف في هذا المعنى ويعكسه حتى جعل من لا غضارة لجلده من ذوي السواد يظن به الكبر وإن سواده خضاب لا شباب، فقال:
إذا دام للمرء السواد ولم تدم * غضارته ظن السواد خضابا فكيف يظن الشيخ إن خضابه * يظن سوادا أو يخال شبابا وفلسفة هذا الرجل في شعره وتطلبه لطيف المعاني مع أعراض عن فصيح العبارة وغريبها وإن كانت مذمومة مستبردة في الأغلب الأكثر، ربما أثارت دفينا أو أخرجت علقا ثمينا.
ونظير قول ابن الرومي " رأيت خضاب المرء عند مشيبه حدادا " قول الأفوه الكوفي: