ولي من قصيدة أولها " بلغنا ليلة السهب ":
ولما رأت الحسناء في رأسي كالشهب وبيضا كالظبي البيض * وما يصلحن للضرب وحادت عن مقر كان فيه بقر السرب تجنبت بلا جرم * وعوقبت بلا ذنب وعاتبت ولكن قلما ينفعني عتبي إنما قلت: " وما يصلحن للضرب " لئلا يفهم من تشبيهي للطاقات البيض الشيب بالظبى البيض التماثل من كل جهة، فاستثنيت أنهن لا يصلحن للضرب كما تصلح السيوف لذلك، وإذا كان المقصد ذم الشيب ثم شبه من بعض الوجوه بماله فضل في نفسه، فمن الواجب أن يستثنى ما لا يشبه فيه من الفضيلة ليخلص القول للذم. وهذا إذا تؤمل كان له موقع لطيف من البلاغة. ولعمري أن الشعر موضوع على الاختصار والحذف والإشارة.
ولو قلت " وبيضا كالظبي البيض " لما فهم إلا التشبيه في اللون دون غيره سنة إذا أمكن التحقيق واستيفاء الأغراض من غير أن يلحق الكلام هجنة فهو أولى.
ولي من قطعة:
ليس المشيب بذنب * فلا تعديه ذنبا غصبت شرخ شبابي * بالليل والصبح غصبا وشب شيب عذاري * كما اشتهى الدهر شبا إن كنت بدلت لونا * فما تبدلت حبا أو كنت بوعدت جسما * فما تباعدت قلبا