وقالوا وقد بدلت حادثات * زماني ليل شبابي نهارا أتاه المشيب بذاك الوقار * فقلت لهم ما أردت الوقارا فيا ليت دهرا أعار السواد * إذا كان يرجعه ما أعارا وليت بياضا أراد الرحيل * عقيب الزيارة ما كان زارا إنما أردت: لا خير في وقار يؤيس من الحياة ويدني إلى المنية ويسلب القوة ويورث الضعف، وطالما استعفى الشعراء من وقار الشيب وأبهته وتجاوزوا ذلك إلى كراهية المخاطبة بما يقتضي علو السن وتصرم زمان الحدائة، قال مضرس ابن ربعي الأسدي:
لحى الله وصل الغانيات فإننا * نراهن لمحا لا ينال وخلبا إذا ما دعين بالكنى لا يريننا * صديقا ولم يقربن من كان أشيبا ومثله للأخطل:
وإذا دعوتك يا أخي فإنه * أدنى إليك مودة ووصالا وإذا دعوتك عمهن عن * نشب يزيدك عندهن خبالا وللبحتري ما له بهذا بعض الشبه:
يتبرجن للغرير المسمى * من تصاب دون الخليل المكنى ونظير ذلك كله قول ابن الرومي:
أصبحت شيخا له سمت وأبهة * يدعونني البيض عما تارة وأبا وتلك حالة إجلال وتكرمة * وددت إني معتاض بها لقبا وله أيضا: