عاينت لونه والحوادث ينكرن طلوعا لم ترج منه أفولا لا تذميه فالمشيب على طول بقاء الفتى يكون دليلا إن لون الشباب حال إذا امتد زمان إني لها أن تحولا لو تخيرت والسواد ردائي * ما أردت البياض منه بديلا وحسام الشباب غير صقيل * هو أشهى إلي منه صقيلا قد طلبنا فما وجدنا عن الشيب محيصا يجيرنا أو مميلا لمعنى البيت الأول نظائر كثيرة في الشعر وفي شعري خاصة سترى في مواضعها، ولتشبيه الشيب في لونه بالسيف نظائر كثيرة في شعري خاصة وغيره عامه. وهذا البيت يفيد تشبيه الشيب بالسيف لونا وقطعا لحبال المودة وإرهابا لمن حل به وجرد في ذوائبه.
ومعنى " طلوعا لم ترج منه أفولا " أن لون الشيب كما لا يحول ولا يزول كلون الشباب فهو ملازم لانقضاء العمر.
ومعنى البيت الخامس: إن المشيب لا يظهر في الأغلب الأكثر إلا مع امتداد العمر وطول البقاء فكيف يعاب ويذم، وهو شاهد بطول البقاء وهذا تمحل وتعلل في الاعتذار للشيب، لأن قائلا لو قال: كما شهد بطول بقاء متقدم، فهو شاهد ودليل على قصر ما بقي من العمر، ولأن صاحبه أقرب إلى الفناء من صاحب الشباب لما كان جوابه، إلا أن هذا القول ألطف ما تمحل واستخرج في التسلية عن الشيب والتجلد على مصاحبته.
ولي من قصيدة:
عرفت الديار كسحق البرود * كأن لم تكن لأنيس ديارا