إن نعما وكان قلبي في ما * ألفته موكلا بالتصابي سألتني عن الهوى في ليال * ضاع فيهن من يدي شبابي فمتى ما أجبتها بسوى ذكر مشيبي فذاك غير جوابي صار مني مثل الثغامة ما كان زمانا محلولكا كالغراب ليس يبقى شئ على عهده الأول في كر هذه الأحقاب من عذيري من المشيب وقد صار بعيد الشباب من أثوابي معنى قولي " فمتى ما أجبتها " البيت: إنني أن أجبتها وقد سألتني عما عهدته مني من الهوى والتصابي بأن المشيب في ذهاب ذلك عني ونفاده مني غير معيب، فما أجبت بالجواب الصحيح الصادق. وهذا تحقيق كما تراه، لأن الشيب أثر في هواه الذي كان معهودا منه.
فأما الثغام فهو نور شديد البياض تشبه العرب به الشيب.
وأما البيت الأخير فمعناه: إنه لا دواء لو صب المشيب ولا شفاء منه، لأنه لا دواء إلا ما يذوقه الساقي، فإذا لم يكن فيه شفاء ولا دواء للشيب فلا دواء له ولا علاج.
ولي من قصيدة أولها " هل هاج شوقك صوت الطائر الغرد ":
من عاذري في الغواني غب منتشر * من المشيب كنوار الضحى بدد وافى ولم يبغ مني أن أهيب به * وحل مني كرها حيث لم أرد ولو جنته يد ما كنت طائعها * لكن جناه على فودي غير يد لم أرض بأن جعلته نورا حتى أضفته إلى الضحى ليكون أظهر له وأشهر.
وللبيت الثاني حظ من البلاغة، ولا أعرف له على جهته نظيرا، فكأنني قلت: