إن صلاة الجمعة من الأمر المضيق، إنما لها وقت واحد حين تزول الشمس، ووقت العصر يوم الجمعة وقت الظهر في سائر الأيام (1) إنتهى. وهو أيضا موافقة لهم للحلبيين.
والعجب من الشهيد أنه حكى قوله وقول الحلبي، وقال قبله متصلا به في القول بالمثل: إنه لم يظفر له بحجة، إلا أن النبي صلى الله عليه وآله كان يصلي دائما في هذا الوقت، وقال: ولا دلالة فيه، لأن الوقت الذي كان يصلي فيه ينقص عن هذا القدر غالبا، ولم يقل أحد بالتوقيت بذلك الناقص (2).
وإذا فات وقت الجمعة ولم يصلها (فحينئذ يجب الظهر) عينا، ولا تقضى الجمعة اتفاقا. ولكن ابن إدريس لا يرى فوات الجمعة إلا إذا لم يبق من النهار إلا مقدار أربع ركعات (3). ولعله للأصل، وعموم الأخبار بأن صلاة النهار أو صلاتي الظهر والعصر لا تفوت إلى بمغيب الشمس، وضعفهما ظاهر، ولأنها لو فاتت قبل ذلك فإما أن يتضيق كما يقوله ابن حمزة أو الحلبيان، وفيه من العسر ما لا يخفى، مع أن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها، وإما أن تمتد إلى وقت كالمثل، ولا دليل عليه، فلم يبق إلا حمل المضيقات على التأكيد في المبادرة.
(ولو خرج الوقت متلبسا بها ولو بالتكبير أتمها جمعة) وفاقا لاطلاق الخلاف (4) والمبسوط (5) والشرائع (6) والجامع (7)، لأنها استجمعت الشرائط وانعقدت جمعة بلا خلاف، فوجب إتمامها للنهي عن إبطال العمل، وصحت جمعة، كما إذا انفضت الجماعة في الأثناء. وخيرة التحرير (8) والمنتهى (9) والمختلف (10)