504 - وفي " صحيح مسلم " من رواية عبد الرحمن بن سمرة، قال: " أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وقد كسفت الشمس وهو قائم في الصلاة رافع يديه، فجعل يسبح ويحمد ويهلل، ويكبر ويدعو، حتى حسر عنها، فلما حسر عنها قرأ سورتين وصلى ركعتين ".
قلت: حسر بضم الحاء وكسر السين المهملتين أي: كشف وجلي.
[فصل]: ويستحب إطالة القراءة في صلاة الكسوف، فيقرأ في القومة الأولى نحو سورة البقرة، وفي الثانية نحو مائتي آية، وفي الثالثة نحو مائة وخمسين آية، وفي الرابعة نحو مائة آية، ويسبح في الركوع الأول بقدر مائة آية، وفي الثاني سبعين، وفي الثالث كذلك، وفي الرابع خمسين، ويطول السجود كنحو الركوع، والسجدة الأولى نحو الركوع الأول، والثانية نحو الركوع الثاني، هذا هو الصحيح. وفيه خلاف معروف للعلماء، ولا تشكن فيما ذكرته من استحباب تطويل السجود، لكن المشهور في أكثر كتب أصحابنا أنه لا يطول، فإن ذلك غلط أو ضعيف، بل الصواب تطويله.
505 - وقد ثبت ذلك في " الصحيحين " عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من طرق كثيرة، وقد أوضحته بدلائله وشواهده في " شرح المهذب ". وأشرت هنا إلى ما ذكرت لئلا تغتر بخلافه، وقد نص الشافعي رحمه الله في مواضع على استحباب تطويله، والله أعلم.
قال أصحابنا: ولا يطول الجلوس بين السجدتين، بل يأتي به على العادة في غيرها، وهذا الذي قالوه فيه نظر، فقد ثبت في حديث صحيح إطالته، وقد ذكرت ذلك واضحا في " شرح المهذب " فالاختيار استحباب إطالته، ولا يطول الاعتدال عن الركوع الثاني، ولا التشهد وجلوسه، والله أعلم.
ولو ترك هذا التطويل كله، واقتصر على الفاتحة صحت صلاته. ويستحب أن يقول في كل رفع من الركوع; سمع الله لمن حمده، ربنا لك الحمد، فقد روينا ذلك في الصحيح. ويسن الجهر بالقراءة في كسوف القمر، ويستحب الإسرار في كسوف الشمس، ثم بعد الصلاة يخطب خطبتين يخوفهم فيهما بالله تعالى، ويحثهم على طاعة الله تعالى، وعلى الصدقة والإعتاق، فقد صح ذلك في الأحاديث المشهورة، ويحثهم أيضا على شكر نعم الله تعالى، ويحذرهم الغفلة والاغترار، والله أعلم.
506 - روينا في " صحيح البخاري " وغيره، عن أسماء رضي الله عنها قالت: " لقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعتاقة في كسوف الشمس ". والله أعلم.