الأذكار النووية - يحيى بن شرف النووي - الصفحة ١٦٦
ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اذكروا محاسن موتاكم، وكفوا عن مساويهم " (1).
قلت: قال العلماء: يحرم سب الميت المسلم الذي ليس معلنا بفسقه. وأما الكافر، والمعلن بفسقه من المسلمين، ففيه خلاف للسلف، وجاءت فيه نصوص متقابلة، وحاصله: أنه ثبت في النهي عن سب الأموات ما ذكرناه في هذا الباب.
وجاء في الترخيص في سب الأشرار أشياء كثيرة، منها: ما قصه الله علينا في كتابه العزيز، وأمرنا بتلاوته، وإشاعة قراءته، ومنها: أحاديث كثيرة في الصحيح.
480 - كالحديث الذي ذكر فيه صلى الله عليه وسلم عمرو بن لحي (2).
481 - قال المصنف رحمه الله: وقصة أبي رغال الذي كان يسرق الحاج بمحجنه. (3) قال السيوطي في " تحفة الأبرار بنكت الأذكار ": قال الحافظ ابن حجر: كذا وقع في عدة نخ من الأذكار، ولم أر في شئ من روايات ووصف أبي رغال بذلك، ولعلها كانت: والذي، فسقطت واو العطف، فأما قصة أبي رغال - وهو بكسر الراء وتخفيف العين المعجمة وآخره لام - فأخرجه أحمد عن جابر قال: لما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحجر قال: " لا تسألوا الآيات فقد سألها قوم صالح، فكانت - يعني الناقة - ترد من هذا الفج، وتصدر من هذا الفج، فعتوا عن أمر ربهم فعقروها فأخذتهم صيحة أهمد الله بها من كان تحت أديم السماء منهم، إلا رجلا واحدا مان في الحرم، فلما، خرج منه أصابه ما أصاب قومه، قالوا: من هو رسول الله؟ قال: أبو رغال ".
وأما قصة الذي يسرق الحاج بمحجنة، فأخرجها كسلم من حديث جابر في صلاة الكسوف ولفظه: " حتى رأيت فيها صاحب المحجن كان يسرق الحاج بمحجنة، فإذا فطن له قال: إنما تعلق بمحجني وإذا غفل عنه ذهب به ".
482 - وقصة ابن جدعان (4) وغيرهم، ومنها الحديث الصحيح الذي قدمناه لما

(1) وهو حديث حسن بشواهده.
(2) رواه البخاري ومسلم وغيرهما من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " رأيت عمرو بن لحي بن قمعة بن خندف بن أبا كعب وهو يجر قصبه في النار " هذه رواية مسلم، ورواه البخاري مختصرا.
(3) قال ابن علان في شرح الأذكار: أخرج الحافظ من طريق جابر رضي الله عنه قال: لما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحجر قال: لا تسألوا الآيات، فقد سألها قوم صالح، وكانت - يعني الناقة - ترد من هذا الفج، وتصدر من هذا الفج، فعتوا عن أمر ربهم، فعقروها، فأخذتهم صيحة أهمد الله بها من كان تحت السماء إلا رجلا واحدا كان بالحرم فلما خرج منه أصابه ما أصاب قومه، قالوا: من هو رسول الله؟ قال: أبو رغال، وقال ابن علان: قال الحافظ بعد تخرجه: هذا حديث حسن غريب أخرجه الحاكم وابن حبان.
(4) ابن جدعان، هو بضم الجيم، وإسكان الدال وبالعين المهملتين، واسمه عبد الله، وكان كثير الإطعام، وكان اتخذ للضيفان جفنة يرقى إليها بسلم، وكان من بني تيم بن مرة من أقرباء عائشة رضي الله عنها، إذ هو ابن عم أبي قحافة والد الصديق، وكان من رؤساء قريش في الجاهلية. وفي الصحيح عن عائشة قالت: قلت: يا رسول الله إن ابن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحم، ويطعم المسكين، فهل ذلك نافعه؟ قال: لا إنه لم يقل يوما: رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين، رواه مسلم، قال الحافظ: وسمي في طريق أخرى عند أحمد أيضا عن عائشة قالت: (يا رسول الله إن عبد الله بن جدعان... فذكره) وزاد:
(يقري الضيف، ويفك العاني، ويحسن الجوار) وزاد فيه أبو يعلى من هذا الوجه (ويكف الأذى فأثيب عليه) ا ه‍.
(١٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 ... » »»
الفهرست