فإن ضم إليها أمر آخر من البدع المحرمة كما هو الغالب منها في العادة، كان ذلك حراما من قبائح المحرمات، فإنه محدث.
447 - وثبت في الحديث الصحيح: " إن كل محدث بدعة وكل بدعة ضلالة ".
[فصل]: وأما لفظة التعزية، فلا حجر فيه، فبأي لفظ عزاه حصلت. واستحب أصحابنا أن يقول في تعزية المسلم للمسلم: أعظم الله أجرك، وأحسن عزاءك، وغفر لميتك، وفي تعزية المسلم بالكافر: أعظم الله أجرك، وأحسن عزاءك. وفي تعزية الكافر بالمسلم: أحسن الله عزاءك، وغفر لميتك. وفي الكافر بالكافر: أخلف الله عليك (1).
448 - وأحسن ما يعزى به، ما روينا في " صحيحي البخاري ومسلم " عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: " أرسلت إحدى بنات النبي صلى الله عليه وسلم إليه تدعوه وتخبره أن صبيا لها أو ابنا في الموت، فقال للرسول: ارجع إليها فأخبرها أن لله تعالى ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شئ عنده بأجل مسمى، فمرها فلتصبر ولتحتسب (2)... " وذكر تمام الحديث.
قلت: فهذا الحديث من أعظم قواعد الإسلام، المشتملة على مهمات كثيرة من أصول الدين وفروعه والآداب والصبر على النوازل كلها، والهموم والأسقام وغير ذلك من الأعراض، ومعنى: " أن لله تعالى ما أخذ "، أن العالم كله ملك لله تعالى، فلم يأخذ ما هو لكم، بل أخذ ما هو له عندكم في معنى العارية، ومعنى: " وله ما أعطى " أن ما وهبه لكم ليس خارجا عن ملكه، بل هو له سبحانه يفعل فيه ما يشاء، " وكل شئ عنده بأجل مسمى " فلا تجزعوا، فإن من قبضه قد انقضى أجله المسمى فمحال تأخره أو تقدمه عنه، فإذا علمتم هذا كله، فاصبروا واحتسبوا ما نزل بكم، والله أعلم.
وروينا في كتاب النسائي بإسناد حسن، عن معاوية بن قرة بن إياس، عن أبيه رضي الله عنه.
449 - " أن النبي صلى الله عليه وسلم فقد بعض أصحابه، فسأل عنه، فقالوا: يا رسول الله! بنيه الذي رأيته هلك، فلقيه النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن بنيه، فأخبره أنه هلك فعزاه عليه ثم قال: